responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 336

ما عنده سبحانه، فلا أريد منكم جزاء و لا شكورا.

و أقبل الأسطول المصري و فيه الميرة الكثيرة لأهل البلد، فعبى الفرنج أسطولهم ليقاتلوا أسطول المسلمين، نهض السلطان بجيشه ليشغلهم عنهم، و قاتلهم أهل البلد أيضا و اقتتل الأسطولان في البحر، و كان يوما عسيرا، و حربا في البر و البحر، فظفرت الفرنج بشبينى واحد من الأسطول الّذي للمسلمين، و سلم اللَّه الباقي فوصل إلى البلد بما فيه من الميرة، و كانت حاجتهم قد اشتدت إليها جدا، بل إلى بعضها.

و أما ملك الألمان المتقدم ذكره فإنه أقبل في عدد و عدد كثير جدا، قريب من ثلاثمائة ألف مقاتل، من نيته خراب البلد و قتل أهلها من المسلمين، و الانتصار لبيت المقدس، و أن يأخذ البلاد إقليما بعد إقليم، حتى مكة و المدينة، فما نال من ذلك شيئا بعون اللَّه و قوته، بل أهلكهم اللَّه عز و جل في كل مكان و زمان، فكانوا يتخطفون كما يتخطف الحيوان، حتى اجتاز ملكهم بنهر شديد الجرية فدعته نفسه أن يسبح فيه، فلما صار فيه حمله الماء إلى شجرة فشجت رأسه، و أخمدت أنفاسه، و أراح اللَّه منه العباد و البلاد، فأقيم ولده الأصغر في الملك، و قد تمزق شملهم، و قلت منهم العدة، ثم أقبلوا لا يجتازون ببلد إلا قتلوا فيه، فما وصلوا إلى أصحابهم الذين على عكا إلا في ألف فارس، فلم يرفعوا بهم رأسا و لا لهم قدرا و لا قيمة بينهم، و لا عند أحد من أهل ملتهم و لا غيرهم، و هكذا شأن من أراد إطفاء نور اللَّه و إذ لال دين الإسلام. و زعم العماد في سياقه أن الألمان وصلوا في خمسة آلاف، و أن ملوك الافرنج كلهم كرهوا قدومهم عليهم، لما يخافون من سطوة ملكهم، و زوال دولتهم بدولته، و لم يفرح به إلا المركيس صاحب صور، الّذي أنشأ هذه الفتنة و أثار هذه المحنة، فإنه تقوى به و بكيده، فإنه كان خبيرا بالحروب، و قد قدم بأشياء كثيرة من آلات الحرب لم تخطر لأحد ببال نصب دبابات أمثال الجبال، تسير بعجل و لها زلوم من حديد، تنطح السور فتخرقه، و تثلم جوانبه، فمنّ اللَّه العظيم بإحراقها، و أراح اللَّه المسلمين منها، و نهض صاحب الألمان بالعسكر الفرنجى فصادم به جيش المسلمين [فجاءت جيوش المسلمين‌] برمتها إليه، فقتلوا من الكفرة خلقا كثيرا و جما غفيرا، و هجموا مرة على مخيم السلطان بغتة فتهبوا بعض الأمتعة، فنهض الملك العادل أبو بكر- و كان رأس الميمنة- فركب، في أصحابه و أمهل الفرنج حتى توغلوا بين الخيام، ثم حمل عليهم بالرماح و الحسام، فهربوا بين يديه فما زال يقتل منهم جماعة بعد جماعة، و فرقة بعد فرقة، حتى كسوا وجه الأرض منهم حللا أزهى من الرياض الباسمة، و أحب إلى النفوس من الخدود الناعمة، و أقل ما قيل إنه قتل منهم خمسة آلاف، و زعم العماد أنه قتل منهم فيما بين الظهر إلى العصر عشرة آلاف و اللَّه أعلم.

هذا و طرف الميسرة لم يشعر بما جرى و لا درى، بل نائمون وقت القائلة في خيامهم، و كان‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست