نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 331
الفاضل معه في هذه الغزوة، و كتب القاضي الفاضل إلى أخى السلطان صاحب اليمن يستدعيه إلى الشام لنصرة الإسلام، و أنه قد عزم على حصار أنطاكية، و يكون تقى الدين عمر محاصرا طرابلس إذا انسلخ هذا العام، ثم عزم القاضي الفاضل على الدخول إلى مصر، فودعه السلطان فدخل القدس فصلى به الجمعة و عيد فيه عيد الأضحى، ثم سار و معه أخوه السلطان العادل إلى عسقلان، ثم أقطع أخاه الكرك عوضا عن عسقلان، و أمره بالانصراف ليكون عونا لابنه العزيز على حوادث مصر، و عاد السلطان فأقام بمدينة عكا حتى انسلخت هذه السنة.
و فيها خرجت طائفة بمصر من الرافضة ليعيدوا دولة الفاطميين، و اغتنموا غيبة العادل عن مصر، و استخفوا أمر العزيز عثمان بن صلاح الدين، فبعثوا اثنى عشر رجلا ينادون في الليل يا آل على، يا آل على، بنياتهم على أن العامة تجيبهم فلم يجبهم أحد، و لا التفت إليهم، فلما رأوا ذلك انهزموا فأدركوا و أخذوا و قيدوا و حبسوا، و لما بلغ أمرهم السلطان صلاح الدين ساءه ذلك و اهتم له، و كان القاضي الفاضل عنده بعد لم يفارقه، فقال له: أيها الملك ينبغي أن تفرح و لا تحزن، حيث لم يصغ إلى هؤلاء الجهلة أحد من رعيتك، و لو أنك بعثت جواسيس من قبلك يختبرون الناس لسرّك ما بلغك عنهم، فسرى عنه ما كان يجد، و رجع إلى قوله و أرسله إلى مصر ليكون له عينا و عونا.
و فيها توفى من الأعيان.
الأمير الكبير سلالة الملوك و السلاطين
الشيزرى مؤيد الدولة أبو الحارث و أبو المظفر أسامة بن مرشد بن على بن [مقلد بن نصر بن] منقد أحد الشعراء المشهورين، المشكورين، بلغ من العمر ستا و تسعين سنة، و كان عمره تاريخا مستقلا وحده، و كانت داره بدمشق، مكان العزيزية، و كانت معقلا للفضلاء، و منزلا للعلماء و له أشعار رائقة، و معان فائقة، و لديه علم غزير، و عنده جود و فضل كثير، و كان من أولاد ملوك شيزر، ثم أقام بمصر مدة في أيام الفاطميين، ثم عاد إلى الشام فقدم على الملك صلاح الدين في سنة سبعين و أنشده:
حمدت على طول عمري المشيبا* * * و إن كنت أكثرت فيه الذنوبا
لأني حييت إلى أن لقيت* * * بعد العدو صديقا حبيبا
و له في سن قلعها و فقد نفعها:
و صاحب لا أمل الدهر صحبته* * * يشقى لنفعى و يسعى سعى مجتهد
لم ألقه مذ تصاحبنا فحين بدا* * * لناظري افترقنا فرقة الأبد
و له ديوان شعر كبير، و كان صلاح الدين يفضله على سائر الدواوين، و قد كان مولده في سنة ثمان و ثمانين و أربعمائة، و كان في شبيبته شهما شجاعا، قتل الأسد وحده مواجهة، ثم عمر إلى أن توفى في هذه السنة ليلة الثلاثاء الثالث و العشرين من رمضان، و دفن شرقى جبل قائسون. قال و زرت قبره
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 331