responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 330

و جاءت الجيوش من الجزيرة و هو على العاصي، فسار إلى السواحل الشمالية ففتح أنطرطوس و غيرها من الحصون، و جبلة و اللاذقية، و كانتا من أحصن المدن عمارة و رخاما و محالا، و فتح صهيون و بكاس و الشغر و هما قلعتان على العاصي حصينتان، فتحهما عنوة، و فتح حصن بدرية و هي قلعة عظيمة على جبل شاهق منيع، تحتها أودية عميقة يضرب بها المثل في سائر بلاد الفرنج و المسلمين، فحاصرها أشد حصار و ركب عليها المجانيق الكبار، و فرق الجيش ثلاث فرق، كل فريق يقاتل، فإذا كلوا و تعبوا خلفهم الفريق الآخر، حتى لا يزال القتال مستمرا ليلا و نهارا، فكان فتحها في نوبة السلطان أخذها عنوة في أيام معدودات، و نهب جميع ما فيها، و استولى على حواصلها و أموالها، و قتل حملتها و رجالها، و استخدم نساءها و أطفالها، ثم عدل عنها ففتح حصن دربساك و حصن بغراس، كل ذلك يفتحه عنوة فيغنم و يسلم، ثم سمت به همته العالية إلى فتح أنطاكية، و ذلك لأنه أخذ جميع ما حولها من القرى و المدن، و استظهر عليها بكثرة الجنود، فراسله صاحب أنطاكية يطلب منه الهدنة على أن يطلق من عنده من أسرى المسلمين، فأجابه إلى ذلك لعلمه بتضجر من معه من الجيش، فوقعت الهدنة على سبعة أشهر، و مقصود السلطان أن يستريح من تعبها، و أرسل السلطان من تسلم منه الأسارى و قد ذلت دولة النصارى، ثم سار فسأله ولده الظاهر أن يجتاز بحلب فأجابه إلى ذلك، فنزل بقلعتها ثلاثة أيام، ثم استقدمه ابن أخيه تقى الدين إليه إلى حماه فنزل عنده ليلة واحدة، و أقطعه جبلة و اللاذقية، ثم سار فنزل بقلعة بعلبكّ، و دخل حمامها، ثم عاد إلى دمشق في أوائل رمضان، و كان يوما مشهودا، و جاءته البشائر بفتح الكرك و إنقاذه من أيدي الفرنج، و أراح اللَّه منهم تلك الناحية، و سهل حزنها على السالكين من التجار و الغزاة و الحجاج‌ (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).

فصل في فتح صغد و حصن كوكب‌

لم يقم السلطان بدمشق إلا أياما حتى خرج قاصدا صغد فنازلها في العشر الأوسط من رمضان، و حاصرها بالمجانيق، و كان البرد شديدا يصبح الماء فيه جليدا، فما زال حتى فتحها صلحا في ثامن شوال، ثم سار إلى صور فألقت إليه بقيادها، و تبرأت من أنصارها و أجنادها و قوادها، و تحققت لما فتحت صغد أنها مقرونة معها في أصفادها، ثم سار منها إلى حصن كوكب- و هي معقل الاستثارية كما أن صغد كانت معقل الداوية- و كانوا أبغض أجناس الفرنج إلى السلطان، لا يكاد يترك منهم أحدا إلا قتله إذا وقع في المأسورين، فحاصر قلعة كوكب حتى أخذها، و قتل من بها و أراح المارة من شر ساكنيها، و تمهدت تلك السواحل و استقر بها منازل قاطنيها. هذا و السماء تصب، و الرياح تهب، و السيول تعب، و الأرجل في الأوحال تخب، و هو في كل ذلك صابر مصابر، و كان القاضي‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست