responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 327

و تنافس بنو أيوب فيما يفعلونه ببيت المقدس و غيره من الخيرات إلى كل أحد، و عزم السلطان على هدم القمامة و أن يجعلها دكا لتنحسم مادة النصارى من بيت المقدس، فقيل [له‌] إنهم لا يتركون الحج إلى هذه البقعة، و لو كانت قاعا صفصفا، و قد فتح هذه البلد قبلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب و ترك هذه الكنيسة بأيديهم، و لك في ذلك أسوة. فأعرض عنها و تركها على حالتها تأسيا بعمر رضى اللَّه عنه، و لم يترك من النصارى فيها سوى أربعة يخدمونها، و حال بين النصارى و بينها، و هدم المقابر التي كانت لهم عند باب الرحمة، و عفا آثارها، و هدم ما كان هناك من القباب.

و أما أسارى المسلمين الذين كانوا بالقدس فإنه أطلقهم جميعهم، و أحسن إليهم، و أطلق لهم إعطاءات سنية، و كساهم و انطلق كل منهم إلى وطنه: و عاد إلى أهله و مسكنه، فلله الحمد على نعمه و مننه‌

فصل‌

فلما فرغ السلطان صلاح الدين من القدس الشريف انفصل عنها في الخامس و العشرين من شعبان قاصدا مدينة صور بالساحل، و كان فتحها قد تأخر، و قد استحوذ عليها بعد وقعة حطين رجل من تجار الفرنج يقال له المركيس، فحصنها و ضبط أمرها و حفر حولها خندقا من البحر إلى البحر، فجاء السلطان فحاصرها مدة، و دعا بالأسطول من الديار المصرية في البحر، فأحاط بها برا و بحرا، فعدت الفرنج في بعض الليالي على خمس شوانى من أسطول المسلمين فملكتها، فأصبح المسلمون و أجمعين حزنا و تأسفا، و قد دخل عليهم فصل البرد و قلت الأزواد، و كثرت الجراحات و كلّ الأمراء من المحاصرات، فسألوا السلطان أن ينصرف بهم إلى دمشق حتى يستريحوا ثم يعودوا إليها بعد هذا الحين، فأجابهم إلى ذلك على تمنع منه، ثم توجه بهم نحو دمشق و اجتاز في طريقه على عكا، و تفرقت العساكر إلى بلادها. و أما السلطان فإنه لما وصل إلى عكا نزل بقلعتها و أسكن ولده الأفضل برج الداوية، و ولى نيابتها عز الدين حردبيل، و قد أشار بعضهم على السلطان بتخريب مدينة عكا خوفا من عود الفرنج إليها، فكاد و لم يفعل وليته فعل، بل و كل بعمارتها و تجديد محاسنها بهاء الدين قراقوش التقوى، و وقف دار الاستثارية بصفين على الفقهاء و الفقراء، و جعل دار الأسقف مارستانا و وقف على ذلك كله أوقافا دارة، و ولى نظر ذلك إلى قاضيها جمال الدين ابن الشيخ أبى النجيب.

و لما فرغ من هذه الأشياء عاد إلى دمشق مؤيدا منصورا، و أرسل إليه الملوك بالتهانى و التحف و الهدايا من سائر الأقطار و الأمصار، و كتب الخليفة إلى السلطان يعتب عليه في أشياء، منها أنه بعث إليه في بشارة الفتح بوقعة حطين شابا بغداديا كان وضيعا عندهم، لا قدر له و لا قيمة، و أرسل بفتح القدس مع نجاب، و لقب نفسه بالناصر مضاهاة للخليفة. فتلقى ذلك بالبشر و اللطف و السمع‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 327
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست