responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 325

القلوب تطير من الفرح في ذلك الحال، و لم يكن عين خطيب فبرز من السلطان المرسوم الصلاحى و هو في قبة الصخرة أن يكون القاضي محيي الدين بن الزكي اليوم خطيبا، فلبس الخلعة السوداء و خطب للناس خطبة سنية فصيحة بليغة، ذكر فيها شرف البيت المقدس، و ما ورد فيه من الفضائل و الترغيبات، و ما فيه من الدلائل و الأمارات. و قد أورد الشيخ أبو شامة الخطبة في الروضتين بطولها و كان أول ما قال‌ (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).

ثم أورد تحميدات القرآن كلها، ثم قال: «الحمد للَّه معز الإسلام بنصره، و مذل الشرك بقهره، و مصرف الأمور بأمره، و مزيد النعم بشكره، و مستدرج الكافرين بمكره، الّذي قدر الأيام دولا بعدله، و جعل العاقبة للمتقين بفضله، و أفاض على العباد من طله و هطله، [الّذي‌] أظهر دينه على الدين كله، القاهر فوق عباده فلا يمانع، و الظاهر على خليقته فلا ينازع، و الآمر بما يشاء فلا يراجع، و الحاكم بما يريد فلا يدافع، أحمده على إظفاره و إظهاره، و إعزازه لأوليائه و نصرة أنصاره، و مطهر بيت المقدس من أدناس الشرك و أوضاره، حمد من استشعر الحمد باطن سره و ظاهر أجهاره، و أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له الأحد الصمد، الّذي لم يلد و لم يولد، و لم يكن له كفوا أحد، شهادة من طهر بالتوحيد قلبه، و أرضى به ربه، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله رافع الشكر و داحض الشرك، و رافض الافك، الّذي أسرى به من المسجد الحرام إلى هذا المسجد الأقصى، و عرج به منه إلى السموات العلى، إلى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى، ما زاغ البصر و ما طغى، (صلى اللَّه عليه و سلم) و على خليفته الصديق السابق إلى الايمان، و على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أول من رفع عن هذا البيت شعار الصلبان، و على أمير المؤمنين عثمان بن عفان ذي النورين جامع القرآن، و على أمير المؤمنين على بن أبى طالب مزلزل الشرك، و مكسر الأصنام، و على آله و أصحابه و التابعين لهم بإحسان».

ثم ذكر الموعظة و هي مشتملة على تغبيط الحاضرين بما يسّره اللَّه على أيديهم من فتح بيت المقدس، الّذي من شأنه كذا و كذا، فذكر فضائله و مآثره، و أنه أول القبلتين، و ثانى المسجدين، و ثالث الحرمين، لا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه، و لا تعقد الخناصر بعد الموطنين إلا عليه، و إليه أسرى برسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) من المسجد الحرام، و صلى فيه بالأنبياء و الرسل الكرام، و منه كان المعراج إلى السموات، ثم عاد إليه ثم سار منه إلى المسجد الحرام على البراق، و هو أرض المحشر و المنشر يوم التلاق، و هو مقر الأنبياء و مقصد الأولياء، و قد أسس على التقوى من أول يوم.

قلت: و يقال إن أول من أسسه يعقوب عليه السلام بعد أن بنى الخليل المسجد الحرام بأربعين سنة، كما جاء في الصحيحين، ثم جدد بناءه سليمان بن داود عليهما السلام، كما ثبت فيه الحديث‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 325
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست