responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 323

ذكر فتح بيت المقدس في هذه السنة «و استنقاذه من أيدي النصارى بعد أن استحوذوا عليه مدة ثنتين و تسعين سنة»

لما افتتح السلطان تلك الأماكن المذكورة فيما تقدم، أمر العساكر فاجتمعت ثم سار نحو بيت المقدس، فنزل غربي بيت المقدس في الخامس عشر من رجب من هذه السنة- أعنى سنة ثلاث و ثمانين و خمسمائة- فوجد البلد قد حصنت غاية التحصين، و كانوا ستين ألف مقاتل، دون بيت المقدس أو يزيدون، و كان صاحب القدس يومئذ رجلا يقال له بالبان بن بازران، و معه من سلم من وقعة حطين يوم التقى الجمعان، من الداوية و الاستثارية أتباع الشيطان، و عبدة الصلبان، فأقام السلطان بمنزله المذكور خمسة أيام، و سلم إلى كل طائفة من الجيش ناحية من السور و أبراجه، ثم تحول السلطان إلى ناحية الشام لأنه رآها أوسع للمجال، و الجلاد و النزال، و قاتل الفرنج دون البلد قتالا هائلا، و بذلوا أنفسهم و أموالهم في نصرة دينهم و قمامتهم، و استشهد في الحصار بعض أمراء المسلمين، فحنق عند ذلك كثير من الأمراء و الصالحين، و اجتهدوا في القتال و نصب المناجنيق و العرادات على البلد، و غنت السيوف و الرماح الخطيات، و العيون تنظر إلى الصلبان منصوبة فوق الجدران، و فوق قبة الصخرة صليب كبير، فزاد ذلك أهل الايمان حنقا و شدة التشمير، و كان ذلك يوما عسيرا على الكافرين غير يسير، فبادر السلطان بأصحابه إلى الزاوية الشرقية الشمالية من السور فنقبها و علقها و حشاها و أحرقها، فسقط ذلك الجانب و خر البرج برمته فإذا هو واجب، فلما شاهد الفرنج ذلك الحادث الفظيع، و الخطب المؤلم الوجيع، قصد أكابرهم السلطان و تشفعوا إليه أن يعطيهم الأمان، فامتنع من ذلك و قال: لا أفتحها إلا عنوة، كما افتتحتموها أنتم عنوة، و لا أترك بها أحدا من النصارى إلا قتلته كما قتلتم أنتم من كان بها من المسلمين، فطلب صاحبها بالبان بن بازران الأمان ليحضر عنده فأمنه، فلما حضر ترقق للسلطان و ذل ذلا عظيما، و تشفع إليه بكل ما أمكنه فلم يجبه إلى الأمان لهم، فقالوا إن لم تعطنا الأمان رجعنا فقتلنا كل أسير بأيدينا- و كانوا قريبا من أربعة آلاف- و قتلنا ذرارينا و أولادنا و نساءنا، و خربنا الدور و الأماكن الحسنة، و أحرقنا المتاع و أتلفنا ما بأيدينا من الأموال، و هدمنا قبة الصخرة و حرقنا ما نقدر عليه، و لا نبقي ممكنا في إتلاف ما نقدر عليه، و بعد ذلك نخرج فنقاتل قتال الموت، و لا خير في حياتنا بعد ذلك، فلا يقتل واحد منا حتى يقتل أعدادا منكم، فما ذا ترتجى بعد هذا من الخير؟

فلما سمع السلطان ذلك أجاب إلى الصلح و أناب، على أن يبذل كل رجل منهم عن نفسه عشرة دنانير، و عن المرأة خمسة دنانير، و عن كل صغير و صغيرة دينارين، و من عجز عن ذلك كان أسيرا للمسلمين، و أن تكون الغلات و الأسلحة و الدور للمسلمين، و أنهم يتحولون منها إلى مأمنهم‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 323
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست