responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 321

الجمعة، فبات الناس على مصافهم و أصبح صباح يوم السبت الّذي كان يوما عسيرا على أهل الأحد و ذلك لخمس بقين من ربيع الآخر، فطلعت الشمس على وجوه الفرنج و اشتد الحر و قوى بهم العطش، و كان تحت أقدام خيولهم حشيش قد صار هشيما، و كان ذلك عليهم مشئوما، فأمر السلطان النفاطة أن يرموه بالنفط، فرموه فتأجج نارا تحت سنابك خيولهم، فاجتمع عليهم حر الشمس و حر العطش و حر النار و حر السلاح و حر رشق النبال، و تبارز الشجعان، ثم أمر السلطان بالتكبير و الحملة الصادقة فحملوا و كان النصر من اللَّه عز و جل، فمنحهم اللَّه أكتافهم فقتل منهم ثلاثون ألفا في ذلك اليوم، و أسر ثلاثون ألفا من شجعانهم و فرسانهم، و كان في جملة من أسر جميع ملوكهم سوى قومس طرابلس فإنه انهزم في أول المعركة، و استلبهم السلطان صليبهم الأعظم، و هو الذين يزعمون أنه صلب عليه المصلوب، و قد غلفوه بالذهب و اللآلئ و الجواهر النفيسة، و لم يسمع بمثل هذا اليوم في عز الإسلام و أهله، و دمغ الباطل و أهله، حتى ذكر أن بعض الفلاحين رآه بعضهم يقود نيفا و ثلاثين أسيرا من الفرنج، قد ربطهم بطنب خيمة، و باع بعضهم أسيرا بنعل ليلبسها في رجله، و جرت أمور لم يسمع بمثلها إلا في زمن الصحابة و التابعين، فلله الحمد دائما كثيرا طيبا مباركا.

فلما تمت هذه الوقعة و وضعت الحرب أوزارها أمر السلطان بضرب مخيم عظيم، و جلس فيه على سرير المملكة و عن يمينه أسرة و عن يساره مثلها، و جي‌ء بالأسارى تتهادى بقيودها، فأمر بضرب أعناق جماعة من مقدمي الداوية- و الأسارى بين يديه- صبرا، و لم يترك أحدا منهم ممن كان يذكر الناس عنه شرا، ثم جي‌ء بملوكهم فأجلسوا عن يمينه و يساره على مراتبهم، فأجلس ملكهم الكبير عن يمينه، و أجلس أرياط برنس الكرك و بقيتهم عن شماله، ثم جي‌ء إلى السلطان بشراب من الجلاب مثلوجا، فشرب ثم ناول الملك فشرب، ثم ناول أرياط صاحب الكرك فغضب السلطان و قال له: إنما ناولتك و لم آذن لك أن تسقيه، هذا لا عهد له عندي، ثم تحول السلطان إلى خيمة داخل تلك الخيمة و استدعى بارياط صاحب الكرك، فلما أوقف بين يديه قام إليه بالسيف و دعاه إلى الإسلام فامتنع، فقال له: نعم أنا أنوب عن رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) في الانتصار لأمته، ثم قتله و أرسل برأسه إلى الملوك و هم في الخيمة، و قال: إن هذا تعرض لسبّ رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)، ثم قتل السلطان جميع من كان من الأسارى من الداوية و الاستثارية صبرا و أراح المسلمين من هذين الجنسين الخبيثين، و لم يسلم ممن عرض عليه الإسلام إلا القليل، فيقال إنه بلغت القتلى ثلاثين ألفا، و الأسارى كذلك كانوا ثلاثين ألفا، و كان جملة جيشهم ثلاثة و ستين ألفا، و كان من سلم مع قلتهم و هرب أكثرهم جرحى فماتوا ببلادهم، و ممن مات كذلك قومس طرابلس، فإنه انهزم جريحا فمات بها بعد مرجعه، ثم أرسل السلطان برءوس أعيان الفرنج و من لم يقتل من رءوسهم، و بصليب‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 321
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست