responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 31

شرابا حتى أنصرك، و أقوم بحقك، فكنت عطشانا هذه الأيام كلها، حتى كان ما كان مما رأيت.

فدعا له الرجل و انصرف الملك راجعا إلى منزله، و لم يشعر بذلك أحد. و كان مرض الملك محمود هذا بسوء المزاج، اعتراه معه الطلاق البطن سنتين، فكان فيهما لا يضطجع على فراش، و لا يتكى‌ء على شي‌ء، لقوة بأسه و سوء مزاجه، و كان يستند على مخاد توضع له و يحضر مجلس الملك، و يفصل على عادته بين الناس، حتى مات كذلك في يوم الخميس لسبع بقين من ربيع الآخر من هذه السنة عن ثلاث و ستين سنة، ملكه منها ثلاث و ثلاثون سنة، و خاف من الأموال شيئا كثيرا، من ذلك سبعون رطلا من جوهر، الجوهرة منه لها قيمة عظيمة سامحه اللَّه. و قام بالأمر من بعده ولده محمد، ثم صار الملك إلى ولده الآخر مسعود بن محمود فأشبه أباه، و قد صنف بعض العلماء مصنفا في سيرته و أيامه و فتوحاته و ممالكه.

ثم دخلت سنة اثنتين و عشرين و أربعمائة

فيها كانت وفاة القادر باللَّه الخليفة، و خلافة ابنه القائم بأمر اللَّه على ما سيأتي تفصيله و بيانه.

و فيها وقعت فتنة عظيمة بين السنة و الروافض، فقويت عليهم السنة و قتلوا خلقا منهم، و نهبوا الكرخ و دار الشريف المرتضى، و نهبت العامة دور اليهود لأنهم نسبوا إلى معاونة الروافض، و تعدى النهب إلى دور كثيرة، و انتشرت الفتنة جدا، ثم سكنت بعد ذلك. و فيها كثرت العملات و انتشرت المحنة بأمر العيارين في أرجاء البلد، و تجاسروا على أمور كثيرة، و نهبوا دورا و أماكن سرا و جهرا، ليلا و نهارا، و اللَّه سبحانه أعلم.

خلافة القائم باللَّه‌

أبى جعفر عبد اللَّه بن القادر باللَّه، بويع له بالخلافة لما توفى أبوه أبو العباس أحمد بن المقتدر بن المعتضد بن الأمين أبو أحمد الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور، في ليلة الاثنين الحادي عشر من ذي الحجة من هذه السنة، عن ست و ثمانين سنة، و عشرة أشهر و إحدى عشر يوما، و لم يعمر أحد من الخلفاء قبله هذا العمر و لا بعده، مكث من ذلك خليفة إحدى و أربعين سنة و ثلاثة أشهر، و هذا أيضا شي‌ء لم يسبقه أحد إليه، و أمه أم ولد اسمها يمنى، مولاة عبد الواحد بن المقتدر، و قد كان حليما كريما، محبا لأهل العلم و الدين و الصلاح، و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، و كان على طريقة السلف في الاعتقاد، و له في ذلك مصنفات كانت تقرأ على الناس، و كان أبيض حسن الجسم طويل اللحية عريضها يخضبها، و كان يقوم الليل كثير الصدقة، محبا للسنة و أهلها، مبغضا للبدعة و أهلها. و كان يكثر الصوم و يبر الفقراء من أقطاعه، يبعث منه إلى المجاورين بالحرمين و جامع المنصور، و جامع الرصافة، و كان يخرج من داره في زي العامة فيزور قبور الصالحين، و قد ذكرنا طرفا صالحا من سيرته عند ذكر ولايته في سنة إحدى و ثمانين و ثلاثمائة، و جلسوا

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست