responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 309

بل سقاه ياقوت الأسدي في شراب فاعتراه قولنج فما زال كذلك حتى مات و هو شاب حسن الصورة، بهي المنظر، و لم يبلغ عشرين سنة، و كان من أعف الملوك و من أشبه أباه فما ظلم، وصف له الأطباء في مرضه شرب الخمر فاستفتي الفقهاء في شربها تداويا فأفتوه بذلك، فقال: أ يزيد شربها في أجلى أو ينقص منه تركها شيئا؟ قالوا: لا قال: فو اللَّه لا أشربها و ألقى اللَّه و قد شربت ما حرمه على. و لما يئس من نفسه استدعا الأمراء فحلفهم لابن عمه عز الدين مسعود صاحب الموصل، لقوة سلطانه و تمكنه، ليمنعها من صلاح الدين، و خشي أن يبايع لابن عمه الآخر عماد الدين زنكي، صاحب سنجار، و هو زوج أخته و تربية والده، فلا يمكنه حفظها من صلاح الدين، فلما مات استدعى الحلبيون عز الدين مسعود بن قطب الدين، صاحب الموصل، فجاء إليهم فدخل حلب في أبهة عظيمة، و كان يوما مشهودا، و ذلك في العشرين من شعبان، فتسلم خزائنها و حواصلها. و ما فيها من السلاح، و كان تقى الدين عمه في مدينة منبج فهرب إلى حماه فوجد أهلها قد نادوا بشعار صاحب الموصل و أطمع الحلبيون مسعودا بأخذ دمشق لغيبة صلاح الدين عنها، و أعلموه محبة أهل الشام لهذا البيت الاتابكى نور الدين، فقال لهم: بيننا و بين صلاح الدين أيمان و عهود، و أنا لا أغدر به، فأقام بحلب شهورا و تزوج بأم الملك الصالح في شوال، ثم سار إلى الرقة فنزلها و جاءه رسل أخيه عماد الدين زنكي يطلب منه أن يقايضه من حلب إلى سنجار، و ألح عليه في ذلك، و تمنع أخوه ثم فعل على كره منه، فسلم إليه حلب و تسلم عز الدين سنجار و الخابور و الرقة و نصيبين و سروج و غير ذلك من البلاد.

و لما سمع الملك صلاح الدين بهذه الأمور ركب من الديار المصرية في عساكره فسار حتى أتى الفرات فعبرها، و خامر إليه بعض أمراء صاحب الموصل، و تقهقر صاحب الموصل عن لقائه، و استحوذ صلاح الدين على بلاد الجزيرة بكمالها، و هم بمحاصرة الموصل فلم يتفق له ذلك، ثم جاء إلى حلب فتسلمها من عماد الدين زنكي لضعفه عن ممانعتها، و لقلة ما ترك فيها عز الدين من الأسلحة، و ذلك في السنة الآتية.

و فيها عزم البرنس صاحب الكرك على قصد تيماء من أرض الحجاز، ليتوصل منها إلى المدينة النبويّة، فجهز له صلاح الدين سرية من دمشق تكون حاجزة بينه و بين الحجاز، فصده ذلك عن قصده. و فيها ولى السلطان صلاح الدين أخاه سيف الإسلام ظهير الدين طغتكين بن أيوب نيابة اليمن، و أرسله إليها، و ذلك لاختلاف نوابها و اضطراب أصحابها، بعد وفاة المعظم أخى السلطان، فسار إليها طغتكين فوصلها في سنة ثمان و سبعين، فسار فيها أحسن سيرة، و احتاط على أموال حطان بن منقذ صاحب زبيد، و كانت تقارب ألف ألف دينار أو أكثر، و أما نائب عدن فخر الدين عثمان [الزنجبيلى‌] فإنه خرج من اليمن قبل قدوم طغتكين فسكن الشام، و له أوقاف مشهورة

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست