نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 303
عشرين ألف مقاتل يحاصرونه، فأرسل السلطان تقى الدين عمر في ثمانمائة فارس منهم سيف الدين على بن أحمد المشطوب، فالتقوا معهم فهزموهم باذن اللَّه، و استقرت يد صلاح الدين على حصن رعنان، و قد كان مما عوض به ابن مقدم عن بعلبكّ، و كان تقى الدين عمر يفتخر بهذه الوقعة و يرى أنه قد هزم عشرين ألفا، و قيل ثلاثين ألفا بثمانمائة، و كان السبب في ذلك أنه بيتهم و أغار عليهم، فما لبثوا بل فروا منهزمين عن آخرهم، فأكثر فيهم القتل و استحوذ على جميع ما تركوه في خيامهم، و يقال إنه كسرهم يوم كسر السلطان الفرنج بمرج عيون و اللَّه أعلم.
ذكر تخريب حصن الأحزان
و هو قريب من صفد. ثم ركب السلطان إلى الحصن الّذي كانت الفرنج قد بنوه في العام الماضي و حفروا فيه بئرا و جعلوه لهم عينا، و سلموه إلى الداوية، فقصده السلطان فحاصره و نقبه من جميع جهاته، و ألقى فيه النيران و خربه إلى الأساس، و غنم جميع ما فيه، فكان فيه مائة ألف قطعة من السلاح، و من المأكل شيء كثير، و أخذ منه سبعمائة أسير فقتل بعضا و أرسل إلى دمشق الباقي، ثم عاد إلى دمشق مؤيدا منصورا، غير أنه مات من أمرائه عشرة بسبب ما نالهم من الحر و الوباء في مدة الحصار، و كانت أربعة عشر يوما، ثم إن الناس زاروا مشهد يعقوب على عادتهم، و قد امتدحه الشعراء فقال بعضهم:
بجدك أعطاف القنا قد تعطفت* * * و طرف الأعادي دون مجدك يطرف
شهاب هدى في ظلمة الليل ثاقب* * * و سيف إذا ما هزه اللَّه مرهف
وقفت على حصن المحاض و إنه* * * لموقف حق لا يوازيه موقف
فلم يبد وجه الأرض بل حال دونه* * * رجال كآساد الثرى و هي ترجف
و جرد سلهوب و درع مضاعف* * * و أبيض هندي ولدن مهفهف
و ما رجعت أعلامك البيض ساعة* * * إلا غدت أكبادها السود ترجف
كنائس أغياد صليب و بيعة* * * و شاد به دين حنيف و مصحف
صليب و عباد الصليب و منزل* * * لنوال قد غادرته و هو صفصف
أ تسكن أوطان النبيين عصبة* * * تمين لدى أيمانها و هي تحلف
نصحتكم و النصح في الدين واجب* * * ذروا بيت يعقوب فقد جاء يوسف
و قال آخر:
هلاك الفرنج أتى عاجلا* * * و قد آن تكسير صلبانها
و لو لم يكن قد دنا حتفها* * * لما عمرت بيت أحزانها
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 303