responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 293

دخلها، فلما فرغ الناصر مما غنم أسرع المسير إلى حلب و هو في غاية القوة، فوجدهم قد حصنوها، فقال المصلحة أن نبادر إلى فتح الحصون التي حول البلد، ثم نعود إليهم فلا يمتنع علينا منهم أحد، فشرع يفتحها حصنا حصنا، و يهدم أركان دولتهم ركنا ركنا، ففتح مراغة و منبج ثم سار إلى إعزاز فأرسل الحلبيون إلى سنان فأرسل جماعة لقتل السلطان، فدخل جماعة منهم في جيشه في زي الجند فقاتلوا أشد القتال، حتى اختلطوا بهم فوجدوا ذات يوم فرصة و السلطان ظاهر للناس فحمل عليه واحد منهم فضربه بسكين على رأسه فإذا هو محترس منهم باللأمة، فسلمه اللَّه، غير أن السكين مرت على خده فجرحته جرحا هينا، ثم أخذ الفداوى رأس السلطان فوضعه إلى الأرض ليذبحه، و من حوله قد أخذتهم دهشة، ثم ثاب إليهم عقلهم فبادروا إلى الفداوى فقتلوه و قطعوه، ثم هجم عليه آخر في الساعة الراهنة فقتل، ثم هجم آخر على بعض الأمراء فقتل أيضا، ثم هرب الرابع فأدرك فقتل، و بطل القتال ذلك اليوم، ثم صمم السلطان على البلد ففتحها و أقطعها ابن أخيه تقى الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، و قد اشتد حنقه على أهل حلب. لما أرسلوا إليه من الفداوية و إقدامهم على ذلك منه، فجاء فنزل تجاه البلد على جبل جوشن، و ضربت خيمته على رأس البادوقية، و ذلك في خامس عشر ذي الحجة، و جبى الأموال و أخذ الخراج من القرى، و منع أن يدخل البلد شي‌ء أو يخرج منه أحد، و استمر محاصرا لها حتى انسلخت السنة.

و في ذي الحجة من هذه السنة عاد نور الدولة أخو السلطان من بلاد اليمن إلى أخيه شوقا إليه، و قد حصل أموالا جزيلة، ففرح به السلطان، فلما اجتمعا قال السلطان البر التقى: أنا يوسف و هذا أخى، و قد استناب على بلاد اليمن من ذوى قرابته، فلما استقر عند أخيه استنابه على دمشق و أعمالها، و قيل إن قدومه كان قبل وقعة المواصلة، و كان من أكبر أسباب الفتح و النصر، لشجاعته و فروسيته. و فيها أنفذ تقى الدين عمر بن أخى الناصر مملوكه بهاء الدين قراقوش في جيشه إلى بلاد المغرب ففتح بلادا كثيرة، و غنم أموالا جزيلة، ثم عاد إلى مصر. و فيها قدم إلى دمشق أبو الفتوح الواعظ عبد السلام بن يوسف بن محمد بن مقلد التنوخي الدمشقيّ الأصل، البغدادي المنشأ، ذكره العماد في الجريدة. قال: و كان صاحبي، و جلس للوعظ و حضر عنده السلطان صلاح الدين، و أورد له مقطعات أشعار، فمن ذلك ما كان يقول:

يا مالكا مهجتي يا منتهى أملى* * * يا حاضرا شاهدا في القلب و الفكر

خلقتني من تراب أنت خالقه* * * حتى إذا صرت تمثالا من الصور

أجريت في قالبى روحا منورة* * * تمر فيه كجرى الماء في الشجر

جمعتني من صفا روح منورة* * * و هيكل صغته من معدن كدر

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 293
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست