responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 292

و كانت إقامة السلطان بالشام و إرسال الجيش صحبة القاضي الفاضل غاية الحزم و التدبير، ليحفظ ما استجد من الممالك خوفا عليه مما هنالك، فلما أرسل الجيوش إلى مصر و بقي هو في طائفة يسيرة و اللَّه قد تكفل له بالنصر، كتب صاحب الموصل سيف الدين غازى ابن أخى نور الدين إلى جماعة الحلبيين يلومهم على ما وقع بينهم و بين الناصر من المصالحة، و قد كان إذ ذاك مشغولا بمحاربة أخيه و محاصرته، و هو عماد الدين زنكي بسنجار، و ليست هذه بفعلة صالحة، و ما كان سبب قتاله لأخيه إلا لكونه أبى طاعة الملك الناصر، فاصطلح مع أخيه حين عرف قوة الناصر و ناصريه، ثم حرض الحلبيين على نقض العهود و نبذها إليه، فأرسلوا إليه بالعهود التي عاهدوه عليها و دعوه إليها، فاستعان عليهم باللَّه و أرسل إلى الجيوش المصرية ليقدموا عليه، فأقبل صاحب الموصل بعساكره و دساكره، و اجتمع بابن عمه الملك الصالح عماد الدين إسماعيل، و سار في عشرين ألف مقاتل على الخيول المضمرة الجرد الأبابيل، و سار نحوهم الناصر و هو كالهزبر الكاسر، و إنما معه ألف فارس من الحماة، و كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن اللَّه، و لكن الجيوش المصرية قد خرجوا إليه قاصدين، و له ناصرين في جحافل كالجبال، فاجتمع الفريقان و تداعوا إلى النزال، و ذلك في يوم الخميس العاشر من شوال فاقتتلوا قتالا شديدا، حتى حمل الملك الناصر بنفسه الكريمة، و كانت باذن اللَّه الهزيمة، فقتلوا خلقا من الحلبيين و المواصلة، و أخذوا مضارب الملك سيف الدين غازى و حواصله، و أسروا جماعة من رءوسهم فأطلقهم الناصر بعد ما أفاض الخلع على أبدانهم و رءوسهم، و قد كانوا استعانوا بجماعة من الفرنج في حال القتال، و هذا ليس من أفعال الأبطال، و قد وجد السلطان في مخيم السلطان غازى سبتا من الأقفاص التي فيها الطيور و المطربة، و ذلك في مجلس شرابه المسكر، و كيف من هذا حاله و مسلكه ينتصر، فأمر السلطان بردها عليه و تسييرها إليه، و قال للرسول قل له بعد و صولك إليه و سلامك عليه: اشتغالك بهذه الطيور أحب إليك مما وقعت فيه من المحذور، و غنم منهم شيئا كثيرا ففرقه على أصحابه غيبا و حضورا، و أنعم بخيمة سيف الدين غازى على ابن أخيه عز الدين فروخ شاه بن نجم الدين، ورد ما كان في وطاقه من الجواري و المغنيات، و قد كان معه أكثر من مائة مغنية، ورد آلات اللهو و اللعب إلى حلب، و قال قولوا لهم هذه أحب إليكم من الركوع و السجود، و وجد عسكر المواصلة كالحانة من كثرة الخمور و البرابط و الملاهي، و هذه سبيل كل فاسق ساه لاهى.

فصل‌

فلما رجعت الجيوش إلى حلب و قد انقلبوا شر منقلب، و ندموا على ما نقضوا من الايمان، و شقهم العصا على السلطان، حصنوا البلد، خوفا من الأسد، و أسرع صاحب الموصل فوصلها، و ما صدق حتى‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 292
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست