responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 290

فانا كنا نقتبس النار بأكفنا، و غيرنا يستنير، و نستنبط الماء بأيدينا و سوانا يستمير، و نلتقي السهام بنحورنا و غيرنا يعتمد التصوير، و الأبدان تسترد بضاعتنا بموقف العدل الّذي يرد به المغصوب و نظهر طاعتنا فتأخذ بحظ كما أخذ بحظ القلوب، و كان أول أمرنا أنا كنا في الشام نفتح الفتوح بمباشرتنا أنفسنا، و نجاهد الكفار متقدمين بعساكرنا، نحن و والدنا و عمنا، فأى مدينة فتحت أو أي معقل للعدو أو عسكر أو مصاف للإسلام معه ضرب؟ فما يجهل أحد صنعنا، و لا يجحد عدونا أن يصطلى الجمرة و نملك الكرة، و نقدم الجماعة و نرتب المقاتلة، و ندبر التعبئة، إلى أن ظهرت في الشام الآثار التي لنا أجرها، و لا يضرنا أن يكون لغيرنا ذكرها» ثم ذكر ما صنعوا بمصر من كسر الكفر و إزالة المنكر و قمع الفرنج و هدم البدع، و ما بسط من العدل و نشر من الفضل، و ما أقامه من الخطب العباسية ببلاد مصر و الدين و النوبة و إفريقية و غير ذلك، بكلام بسيط حسن.

فلما وصلهم الكتاب أساءوا الجواب، و قد كانوا كاتبوا صاحب الموصل سيف الدين غازى بن مودود أخى نور الدين محمود بن زنكي، فبعث إليهم أخاه عز الدين في عساكره، و أقبل إليهم في دساكره، و انضاف إليهم الحلبيون و قصدوا حماه في غيبة الناصر و اشتغاله بقلعة حمص و عمارتها، فلما بلغه خبرهم سار إليهم في قل من الجيش، فانتهى إليهم و هم في جحافل كثيرة، فواقفوه و طمعوا فيه لقلة من معه، و هموا بمناجزته فجعل يداريهم و يدعوهم إلى المصالحة لعل الجيش يلحقونه، حتى قال لهم في جملة ما قال: أنا أقنع بدمشق وحدها و أقيم بها الخطبة للملك الصالح إسماعيل، و أترك ما عداها من أرض الشام، فامتنع من المصالحة الخادم سعد الدولة كمشتكين، إلا أن يجعل لهم الرحبة التي هي بيد ابن عمه ناصر الدين بن أسد الدين، فقال ليس لي ذلك، و لا أقدر عليه، فأبوا الصلح و أقدموا على القتال، فجعل جيشه كردوسا واحدا، و ذلك يوم الأحد التاسع عشر من رمضان عند قرون حماه، و صبر صبرا عظيما، و جاء في أثناء الحال ابن أخيه تقى الدين عمر بن شاهنشاه و معه أخوه فروخ شاه في طائفة من الجيش، و قد ترجح دسته عليهم، و خلص رعبه إليهم، فولوا هنالك هاربين، و تولوا منهزمين، فأسر من أسر من رءوسهم، و نادى أن لا يتبع مدبر و لا يذفف على جريح ثم أطلق من وقع في أسره و سار على الفور إلى حلب، و قد انعكس عليهم الحال و آلوا إلى شر مآل فبالأمس كان يطلب منهم المصالحة و المسالمة، و هم اليوم يطلبون منه أن يكف عنهم و يرجع، على أن المعرة و كفر طاب و ماردين له زيادة على ما بيده من أراضى حماه و حمص، فقبل ذلك و كف عنهم و حلف على أن لا يغزو بعدها الملك الصالح، و أن يدعو له على سائر منابر بلاده، و شفع في بنى الداية أخوه مجد الدين، على أن يخرجوا، ففعل ذلك ثم رجع مؤيدا منصورا.

فلما كان بحماه و صلت إليه رسل الخليفة المستضي‌ء بأمر اللَّه بالخلع السنية و التشريفات العباسية

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 290
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست