responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 289

و لم يشتغل بقلعتها، ثم سار إلى حماه فتسلمها من صاحبها عز الدين بن جبريل، و سأله أن يكون سفيره بينه و بين الحلبيين، فأجابه إلى ذلك، فسار إليهم فحذّرهم بأس صلاح الدين فلم يلتفتوا إليه، بل أمروا بسجنه و اعتقاله، فأبطأ الجواب على السلطان، فكتب إليهم كتابا بليغا يلومهم فيه على ما هم فيه من الاختلاف، و عدم الائتلاف، فردوا عليه أسوأ جواب، فأرسل إليهم يذكرهم أيامه و أيام أبيه و عمه في خدمة نور الدين في المواقف المحمودة التي يشهد لهم بها أهل الدين، ثم سار إلى حلب فنزل على جبل جوشن، ثم نودي في أهل حلب بالحضور في ميدان باب العراق، فاجتمعوا فأشرف عليهم ابن الملك نور الدين فتودد إليهم و تباكى لديهم و حرضهم على قتال صلاح الدين، و ذلك عن إشارة الأمراء المقدمين، فأجابه أهل البلد بوجوب طاعته على كل أحد، و شرط عليه الروافض منهم أن يعاد الأذان بحي على خير العمل، و أن يذكر في الأسواق، و أن يكون لهم في الجامع الجانب الشرقي، و أن يذكر أسماء الأئمة الاثني عشر بين يدي الجنائز، و أن يكبروا على الجنازة خمسا، و أن تكون عقود أنكحتهم إلى الشريف أبى طاهر بن أبى المكارم حمزة بن زاهر الحسيني، فأجيبوا إلى ذلك كله، فأذن بالجامع و سائر البلد بحي على خير العمل، و عجز أهل البلد عن مقاومة الناصر، و أعملوا في كيده كل خاطر، فأرسلوا أولا إلى شيبان صاحب الحسبة فأرسل نفرا من أصحابه إلى الناصر ليقتلوه فلم يظفر منه بشي‌ء، بل قتلوا بعض الأمراء، ثم ظهر عليهم فقتلوا عن آخرهم، فراسلوا عند ذلك القومص صاحب طرابلس الفرنجى، و وعدوه بأموال جزيلة إن هو رحل عنهم الناصر، و كان هذا القومص قد أسره نور الدين و هو معتقل عنده مدة عشر سنين، ثم افتدى نفسه بمائة ألف دينار و ألف أسير من المسلمين، و كان لا ينساها لنور الدين، بل قصد لحمص ليأخذها فركب إليه السلطان الناصر، و قد أرسل السلطان إلى بلده طرابلس سرية فقتلوا و أسروا و غنموا، فلما اقترب الناصر منه نكص على عقبيه راجعا إلى بلده، و رأى أنه قد أجابهم إلى ما أرادوا منه، فلما فصل الناصر إلى حمص لم يكن قد أخذ قلعتها فتصدى لأخذها، فنصب عليها المنجنيقات فأخذها قسرا و ملكها قهرا، ثم كر راجعا إلى حلب، فأناله اللَّه في هذه الكرّة ما طلب، فلما نزل بها كتب إليهم القاضي الفاضل على لسان السلطان كتابا بليغا فصيحا فائقا رائقا، على يدي الخطيب شمس الدين يقول فيه: «فإذا قضى التسليم حق اللقاء فاستدعى الإخلاص جهد الدعا، فليعد و ليعد حوادث ما كان حديثا يفترى، و حواري أمور إن قال فيها كثيرا فأكثر منه ما قد جرى، و يشرح صدر منها لعله يشرح منها صدرا، و ليوضح الأحوال المستبشرة فان اللَّه لا يعبد سرا.

و من العجائب أن تسير غرائب* * * في الأرض لم يعلم بها المأمول‌

كالعيس أقتل ما يكون لها الصدى* * * و الماء فوق ظهورها محمول‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست