responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 285

فصل‌

فلما مات نور الدين في شوال من هذه السنة بويع من بعده بالملك لولده الصالح إسماعيل، و كان صغيرا، و جعل أتابكه الأمير شمس الدين بن مقدم، فاختلف الأمراء و حادت الآراء و ظهرت الشرور، و كثرت الخمور، و قد كانت لا توجد في زمنه و لا أحد يجسر أن يتعاطى شيئا منها، و لا من الفواحش، و انتشرت الفواحش و ظهرت حتى أن ابن أخيه سيف الدين غازى بن مودود صاحب الموصل لما تحقق موته- و كان محصورا منه- نادى مناديه بالبلد بالمسامحة باللعب و اللهو و الشراب و المسكر و الطرب، و مع المنادي دف و قدح و مزمار الشيطان، ف إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‌. و قد كان ابن أخيه هذا و غيره من الملوك و الأمراء الذين له حكم عليهم، لا يستطيع أحد منهم أن يفعل شيئا من المناكر و الفواحش، فلما مات مرح أمرهم و عاثوا في الأرض فسادا و تحقق قول الشاعر:

ألا فاسقني خمرا و قل لي هي الخمر* * * و لا تسقني سرا و قد أمكن الجهر

و طمعت الأعداء من كل جانب في المسلمين، و عزم الفرنج على قصد دمشق و انتزاعها من أيدي المسلمين، فبرز إليهم ابن مقدم الأتابك فواقعهم عند بانياس فضعف عن مقاومتهم، فهادنهم مدة، و دفع إليهم أموالا جزيلة عجلها لهم، و لو لا أنه خوفهم بقدوم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب لما هادنوه. و لما بلغ ذلك صلاح الدين كتب إلى الأمراء و خاصة ابن مقدم يلومهم على ما صنعوا من المهادنة و دفع الأموال إلى الفرنج، و هم أقل و أذل، و أخبرهم أنه على عزم قصد البلاد الشامية ليحفظها من الفرنج، فردوا إليه كتابا فيه غلظة، و كلام فيه بشاعة، فلم يلتفت إليهم، و من شدة خوفهم منه كتبوا إلى سيف الدين غازى صاحب الموصل ليملكوه عليهم ليدفع عنهم كيد الملك الناصر صلاح الدين صاحب مصر، فلم يفعل لأنه خاف أن يكون مكيدة منهم له، و ذلك أنه كان قد هرب منه الطواشى سعد الدولة مستكين الّذي كان قد جعله الملك نور الدين عينا عليه، و حافظا له من تعاطى ما لا يليق من الفواحش و الخمر و اللعب و اللهو. فلما مات نور الدين و نادى في الموصل تلك المناداة القبيحة خاف منه الطواشى المذكور أن يمسكه فهرب منه سرا، فلما تحقق غازى موت عمه بعث في إثر هذا الخادم ففاته فاستحوذ على حواصله، و دخل الطواشى حلب ثم سار إلى دمشق فاتفق مع الأمراء على أن يأخذوا ابن نور الدين الملك الصالح إسماعيل إلى حلب فيربيه هنالك مكان ربى والده، و تكون دمشق مسلمة إلى الأتابك شمس الدولة بن مقدم، و القلعة إلى الطواشى جمال الدين ريحان.

فلما سار الملك الصالح من دمشق خرج معه الكبراء و الأمراء من دمشق إلى حلب، و ذلك في الثالث و العشرين من ذي الحجة من هذه السنة، و حين وصلوا حلب جلس الصبى على سرير ملكها

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست