responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 284

و يركب هو في جمهور الجيش إلى مصر، و قد خاف منه الملك صلاح الدين خوفا شديدا، فلما كان يوم عيد الفطر من هذه السنة ركب إلى الميدان الأخضر القبلي و صلى فيه صلاة عيد الفطر، و كان ذلك نهار الأحد، و رمى العتق في الميدان الأخضر الشمالي، و القدر يقول له: هذا آخر أعيادك، و مد في ذلك اليوم سماطا حافلا، و أمر بانتهابه، و طهر ولده الملك الصالح إسماعيل في هذا اليوم، و زينت له البلد، و ضربت البشائر للعيد و الختان، ثم ركب في يوم الاثنين و أكب على العادة ثم لعب بالكرة في ذلك اليوم، فحصل له غيظ من بعض الأمراء- و لم يكن ذلك من سجيته- فبادر إلى القلعة و هو كذلك في غاية الغضب، و انزعج و دخل في حيز سوء المزاج، و اشتغل بنفسه و أوجاعه، و تنكرت عليه جميع حواسه و طباعه، و احتبس أسبوعا عن الناس، و الناس في شغل عنه بما هم فيه من اللعب و الانشراح في الزينة التي نصبوها لأجل طهور ولده، فهذا يجود بروحه، و هذا يجود بموجودة، سرورا بذلك، فانعكست تلك الأفراح بالأتراح، و نسخ الجد ذلك المزاح، و حصلت للملك خوانيق في حلقه منعته من النطق، و هذا شأن أوجاع الحلق، و كان قد أشير عليه بالفصد فلم يقبل، و بالمبادرة إلى المعالجة فلم يفعل، و كان أمر اللَّه قدرا مقدورا. فلما كان يوم الأربعاء الحادي عشر من شوال من هذه السنة قبض إلى رحمة اللَّه تعالى عن ثمان و خمسين سنة، مكث منها في الملك ثمان و عشرين سنة (رحمه اللَّه)، و صلى عليه بجامع القلعة بدمشق، ثم حول إلى تربته التي أنشأها للحنفية بين باب الخواصين، و باب الخيميين على الدرب، و قبره بها يزار، و يحلق بشباكه، و يطيب و يتبرك.

كل مار، فيقول قبر نور الدين الشهيد، لما حصل له في حلقه من الخوانيق، و كذا كان يقال لابنه الشهيد و يلقب بالقسيم، و كانت الفرنج تقول له القسيم ابن القسيم. و قد رثاه الشعراء بمراث كثيرة قد أوردها أبو شامة، و ما أحسن ما قاله العماد:

عجبت من الموت لما أتى* * * إلى ملك في سجايا ملك‌

و كيف ثوى الفلك المستدير* * * في الأرض وسط فلك‌

و قال حسان الشاعر الملقب بالعرقلة في مدرسة نور الدين لما دفن بها (رحمه اللَّه تعالى).

و مدرسة ستدرس كل شي‌ء* * * و تبقى في حمى علم و نسك‌

تضوع ذكرها شرقا و غربا* * * بنور الدين محمود بن زنكي‌

يقول و قوله حق و صدق* * * بغير كناية و بغير شك‌

دمشق في المدائن بيت ملكي* * * و هذي في المدارس بنت ملكي‌

صفة نور الدين (رحمه اللَّه تعالى)‌

كان طويل القامة أسمر اللون حلو العينين واسع الجبين، حسن الصورة، تركي الشكل، ليس له لحية إلا في حنكه، مهيبا متواضعا عليه جلالة و نور، يعظم الإسلام و قواعد الدين، و يعظم الشرع‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست