responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 283

فمن زاد فقد زعم أن الشريعة ناقصة فهو يكملها بزيادته، و هذا من الجرأة على اللَّه و على ما شرعه، و العقول المظلمة لا تهتدى، و اللَّه سبحانه يهدينا و إياك إلى صراط مستقيم. فلما وصل الكتاب إلى الشيخ عمر الملا جمع الناس بالموصل و قرأ عليهم الكتاب و جعل يقول: انظروا إلى كتاب الزاهد إلى الملك، و كتاب الملك إلى الزاهد، و جاء إليه أخو الشيخ أبى البيان يستعديه على رجل أنه سبه و رماه بأنه يرائى و أنه و أنه، و جعل يبالغ في الشكاية عليه، فقال له السلطان: أ ليس اللَّه تعالى يقول‌ (وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) و قال‌ (وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) فسكت الشيخ و لم يحر جوابا. و قد كان نور الدين يعتقده و يعتقد أخاه أبا البيان، و أتاه زائرا مرات، و وقف عليه وقفا. و قال الفقيه أبو الفتح الأشرى معيد النظامية ببغداد، و كان قد جمع سيرة مختصرة لنور الدين، قال: و كان نور الدين محافظا على الصلوات في أوقاتها في جماعة بتمام شروطها و القيام بها بأركانها و الطمأنينة في ركوعها و سجودها، و كان كثير الصلاة بالليل، كثير الابتهال في الدعاء و التضرع إلى اللَّه عز و جل في أموره كلها. قال: و بلغنا عن جماعة من الصوفية ممن يعتمد على قولهم أنهم دخلوا بلاد القدس للزيارة أيام أخذ القدس الفرنج فسمعهم يقولون: إن القسيم ابن القسيم- يعنون نور الدين- له مع اللَّه سر، فإنه لم يظفر و ينصر علينا بكثرة جنده و جيشه، و إنما يظفر علينا و ينصر بالدعاء و صلاة الليل، فإنه يصلى بالليل و يرفع يده إلى اللَّه و يدعو فإنه يستجيب له و يعطيه سؤله فيظفر علينا. قال: فهذا كلام الكفار في حقه.

و حكى الشيخ أبو شامة أن نور الدين وقف بستان الميدان سوى الغيضة التي تليه نصفه على تطييب جامع دمشق، و النصف الآخر يقسم عشرة أجزاء جزءان على تطييب المدرسة التي أنشأها للحنفية، و الثمانية أجزاء الأخرى على تطييب المساجد التسعة، و هي مسجد الصالحين بجبل قيسون و جامع القلعة، و مسجد عطية، و مسجد ابن لبيد بالعسقار، و مسجد الرماحين المعلق، و مسجد العباس بالصالحية، و مسجد دار البطيخ المعلق، و المسجد الّذي جدده نور الدين جوار بيعة اليهود، لكل من هذه المساجد جزء من إحدى عشر جزء من النصف. و مناقبه و مآثره كثيرة جدا. و قد ذكرنا نبذة من ذلك يستدل بها على ما وراءها.

و قد ذكر الشيخ شهاب الدين في أول الروضتين كثيرا من محاسنه، و ذكر ما مدح به من القصائد، و ذكر أنه لما فتح أسد الدين الديار المصرية ثم مات، ثم تولى صلاح الدين هم بعزله عنها و استنابة غيره فيها غير مرة، و لكن يعوقه عن ذلك و يصده قتال الفرنج، و اقتراب أجله، فلما كان في هذه السنة- و هي سنة تسع و ستين و خمسمائة- و هي آخر مدته، أضمر على الدخول إلى الديار المصرية و صمم عليه، و أرسل إلى عساكر بلاد الموصل و غيرها ليكونوا ببلاد الشام حفظا لها من الفرنج في غيبته‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 283
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست