نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 282
الخمور و الطبول و الزمور؟ و يقال إن سبب وضعه المكوس عن البلاد أن الواعظ أبا عثمان المنتخب ابن أبى محمد الواسطي- و كان من الصالحين الكبار، و كان هذا الرجل ليس له شيء و لا يقبل من أحد شيئا، إنما كانت له جبة يلبسها إذا خرج إلى مجلس وعظه، و كان يجتمع في مجلس وعظه الألوف من الناس- أنشد نور الدين أبياتا تتضمن ما هو متلبس به في ملكه، و فيها تخويف و تحذير شديد له:-
مثل وقوفك أيها المغرور* * * يوم القيامة و السماء تمور
إن قيل نور الدين رحت مسلما* * * فاحذر بأن تبقى و مالك نور
أنهيت عن شرب الخمور و أنت في* * * كأس المظالم طائش مخمور
عطلت كاسات المدام تعففا* * * و عليك كاسات الحرام تدور
ما ذا تقول إذا نقلت إلى البلى* * * فردا و جاءك منكر و نكير؟
ما ذا تقول إذا وقفت بموقف* * * فردا ذليلا و الحساب عسير؟
و تعلقت فيك الخصوم و أنت في* * * يوم الحساب مسلسل مجرور
و تفرقت عنك الجنود و أنت في* * * ضيق القبور موسد مقبور
و وددت أنك ما وليت ولاية* * * يوما و لا قال الأنام أمير
و بقيت بعد العز رهن حفيرة* * * في عالم الموتى و أنت حقير
و حشرت عريانا حزينا باكيا* * * قلقا و مالك في الأنام مجير
أ رضيت أن تحيا و قلبك دارس* * * عافى الخراب و جسمك المعمور
أ رضيت أن يحظى سواك بقربة* * * أبدا و أنت معذّب مهجور
مهد لنفسك حجة تنجو بها* * * يوم المعاد و يوم تبدو العور
فلما سمع نور الدين هذه الأبيات بكى بكاء شديدا، و أمر بوضع المكوس و الضرائب في سائر البلاد. و كتب إليه الشيخ عمر الملا من الموصل- و كان قد أمر الولاة و الأمراء بها أن لا يفصلوا بها أمرا حتى يعلموا الملا به، فما أمرهم به من شيء امتثلوه، و كان من الصالحين الزاهدين، و كان نور الدين يستقرض منه في كل رمضان ما يفطر عليه، و كان يرسل إليه بفتيت و رقاق فيفطر عليه جميع رمضان- فكتب إليه الشيخ عمر بن الملا هذا: إن المفسدين قد كثروا، و يحتاج إلى سياسة و مثل هذا لا يجيء إلا بقتل و صلب و ضرب، و إذا أخذ إنسان في البرية من يجيء يشهد له؟ فكتب إليه الملك نور الدين على ظهر كتابه: إن اللَّه خلق الخلق و شرع لهم شريعة و هو أعلم بما يصلحهم، و لو علم أن في الشريعة زيادة في المصلحة لشرعها لنا، فلا حاجة بنا إلى الزيادة على ما شرعه اللَّه تعالى
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 282