responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 281

و إذا لم يوجد بعض الأدوية التي يعز وجودها إلا فيه فلا يمنع منه الأغنياء، و من جاء إليه فلا يمنع من شرابه، و لهذا جاء إليه نور الدين و شرب من شرابه (رحمه اللَّه).

قلت: و يقول بعض الناس إنه لم تخمد منه النار منذ بنى إلى زماننا هذا فاللَّه أعلم. و قد بنى الخانات الكثيرة في الطرقات و الأبراج، و رتب الخفراء في الأماكن المخوفة، و جعل فيها الحمام الهوادي التي تطلعه على الأخبار في أسرع مدة، و بنى الربط و الخانقات، و كان يجمع الفقهاء عنده و المشايخ و الصوفية و يكرمهم و يعظمهم، و كان يحب الصالحين، و قد نال بعض الأمراء مرة عنده من بعض الفقهاء، و هو قطب الدين النيسابورىّ، فقال له نور الدين: ويحك إن كان ما تقول حقا فله من الحسنات الكثيرة الماحية لذلك ما ليس عندك مما يكفر عنه سيئات ما ذكرت إن كنت صادقا، على أنى و اللَّه لا أصدقك، و إن عدت ذكرته أو أحدا غيره عندي بسوء لأوذينك، فكف عنه و لم يذكره بعد ذلك. و قد ابتنى بدمشق دارا لاستماع الحديث و إسماعه. قال ابن الأثير: و هو أول من بنى دار حديث، و قد كان مهيبا وقورا شديد الهيبة في قلوب الأمراء، لا يتجاسر أحد أن يجلس بين يديه إلا باذنه، و لم يكن أحد من الأمراء يجلس بلا إذن سوى الأمير نجم الدين أيوب، و أما أسد الدين شيركوه و مجد الدين بن الداية نائب حلب، و غيرهما من الأكابر فكانوا يقفون بين يديه، و مع هذا كان إذا دخل أحد من الفقهاء أو الفقراء قام له و مشى خطوات و أجلسه معه على سجادته في و قار و سكون، و إذا أعطى أحدا منهم شيئا مستكثرا يقول: هؤلاء جند اللَّه و بدعائهم ننصر على الأعداء، و لهم في بيت المال حق أضعاف ما أعطيهم، فإذا رضوا منا ببعض حقهم فلهم المنة علينا.

و قد سمع عليه جزء حديث و فيه «فخرج رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) متقلدا السيف» فجعل يتعجب من تغيير عادات الناس لما ثبت عنه عليه السلام، و كيف يربط الأجناد و الأمراء على أوساطهم و لا يفعلون كما فعل رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)، ثم أمر الجند بأن لا يحملوا السيوف إلا متقلديها، ثم خرج هو في اليوم الثاني إلى الموكب و هو متقلد السيف و جميع الجيش كذلك، يريد بذلك الاقتداء برسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) ف(رحمه اللَّه).

و قص عليه وزيره موفق الدين خالد بن محمد بن نصر القيسراني الشاعر أنه رأى في منامه كأنه يغسل ثياب الملك نور الدين، فأمره بأن يكتب مناشير بوضع المكوس و الضرائب عن البلاد، و قال له هذا تأويل رؤياك. و كتب إلى الناس ليكون منهم في حل مما كان أخذ منهم، و يقول لهم إنما صرف ذلك في قتال أعدائكم من الكفرة و الذّب عن بلادكم و نسائكم و أولادكم. و كتب بذلك إلى سائر ممالكه و بلدان سلطانه، و أمر الوعاظ أن يستحلوا له من التجار، و كان يقول في سجوده: اللَّهمّ ارحم المكاس العشار الظالم محمود الكلب، و قيل إن برهان الدين البلخي أنكر على الملك نور الدين في استعانته في حروب الكفار بأموال المكوس، و قال له مرة: كيف تنصرون و في عساكركم‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 281
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست