responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 280

فنحن قائمون بين يديه طوع مراسيمه، فما أمر به امتثلناه، و ما نهانا عنه اجتنبناه، و أنا أعلم أنه لاحق للرجل عندي، و مع هذا أشهدكم أنى قد ملكته ذلك الّذي ادعى به و وهبته له. قال ابن الأثير: و هو أول من ابتنى دارا للعدل، و كان يجلس فيها في الأسبوع مرتين، و قيل أربع مرات، و قيل خمس. و يحضر القاضي و الفقهاء من سائر المذاهب، و لا يحجبه يومئذ حاجب و لا غيره بل يصل إليه القوى و الضعيف، فكان يكلم الناس و يستفهمهم و يخاطبهم بنفسه، فيكشف المظالم، و ينصف المظلوم من الظالم، و كان سبب ذلك أن أسد الدين شيركوه بن شادى كان قد عظم شأنه عند نور الدين، حتى صار كأنه شريكه في المملكة، و اقتنى الأملاك و الأموال و المزارع و القرى، و كان ربما ظلم نوابه جيرانه في الأراضي و الأملاك العدل، و كان القاضي كمال الدين ينصف كل من استعداه على جميع الأمراء إلا أسد الدين هذا فما كان يهجم عليه، فلما ابتنى نور الدين دار العدل تقدم أسد الدين إلى نوابه أن لا يدعوا لأحد عنده ظلامة، و إن كانت عظيمة، فان زوال ماله عنده أحب إليه من أن يراه نور الدين بعين ظالم، أو يوقفه مع خصم من العامة، ففعلوا ذلك، فلما جلس نور الدين بدار العدل مدة متطاولة و لم ير أحدا يستعدى على أسد الدين، سأل القاضي عن ذلك فأعلمه بصورة الحال، فسجد نور الدين شكرا للَّه، و قال الحمد للَّه الّذي أصحابنا ينصفون من أنفسهم.

و أما شجاعته فيقال: إنه لم ير على ظهر فرس قط أشجع و لا أثبت منه، و كان حسن اللعب بالكرة و كان ربما ضربها ثم يسوق وراءها و يأخذها من الهوى بيده، ثم يرميها إلى آخر الميدان، و لم ير جوكانه يعلو على رأسه، و لا يرى الجو كان في يده، لأن الكم ساتر لها، و لكنه استهانة بلعب الكرة، و كان شجاعا صبورا في الحرب، يضرب المثل به في ذلك، و كان يقول: قد تعرضت للشهادة غير مرة فلم يتفق لي ذلك، و لو كان في خير ولى عند اللَّه قيمة لرزقنيها، و الأعمال بالنية. و قال له يوما قطب الدين النيسابورىّ: باللَّه يا مولانا السلطان لا تخاطر بنفسك فإنك لو قتلت قتل جميع من معك، و أخذت البلاد، و فسد حال المسلمين. فقال: له اسكت يا قطب الدين فان قولك إساءة أدب على اللَّه، و من هو محمود؟ من كان يحفظ الدين و البلاد قبلي غير الّذي لا إله إلا هو؟ و من هو محمود؟ قال فبكى من كان حاضرا (رحمه اللَّه).

و قد أسر بنفسه في بعض الغزوات بعض ملوك الافرنج فاستشار الأمراء فيه هل يقتله أو يأخذ ما يبذل له من المال؟ و كان قد بذل له في فداء نفسه مالا كثيرا، فاختلفوا عليه ثم حسن في رأيه إطلاقه و أخذ الفداء منه، فبعث إلى بلده من خلاصته من يأتيه بما افتدى به نفسه، فجاء به سريعا فأطلقه نور الدين، فحين وصل إلى بلاده مات ذلك الملك ببلده، فأعجب ذلك نور الدين و أصحابه، و بنى من ذلك المال المارستان الّذي بدمشق، و ليس له في البلاد نظير، و من شرطه أنه على الفقراء و المساكين‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 280
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست