responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 263

و فيها سار الملك نور الدين إلى الرقة فأخذها، و كذا نصيبين و الخابور و سنجار، و سلمها إلى زوج ابنته ابن أخيه مودود بن عماد الدين، ثم سار إلى الموصل فأقام بها أربعة و عشرين يوما، و أقرها على ابن أخيه سيف الدين غازى بن قطب الدين مودود، مع الجزيرة، و زوجه ابنته الأخرى، و أمر بعمارة جامعها و توسعته، و وقف على تأسيسه بنفسه، و جعل له خطيبا و درسا للفقه، و ولى التدريس للفقيه أبى بكر البرقاني، تلميذ محمد بن يحيى تلميذ الغزالي، و كتب له منشورا بذلك، و وقف على الجامع قرية من قرى الموصل، و ذلك كله بإشارة الشيخ الصالح العابد عمر الملا، و قد كانت له زاوية يقصد فيها، و له في كل سنة دعوة في شهر المولد، يحضر فيها عنده الملوك و الأمراء و العلماء و الوزراء و يحتفل بذلك، و قد كان الملك نور الدين صاحبه، و كان يستشيره في أموره، و ممن يعتمده في مهماته و هو الّذي أشار عليه في مدة مقامه في الموصل بجميع ما فعله من الخيرات، فلهذا حصل بقدومه لأهل الموصل كل مسرة، و اندفعت عنهم كل مضرة، و أخرج من بين أظهرهم الظالم الغاشم فخر الدين عبد المسيح، و سماه عبد اللَّه، و أخذه معه إلى دمشق فأقطعه إقطاعا حسنا، و قد كان عبد المسيح هذا نصرانيا فأظهر الإسلام، و كان يقال إن له كنيسة في جوف داره، و كان سيئ السيرة خبيث السريرة في حق العلماء و المسلمين خاصة، و لما دخل نور الدين الموصل كان الّذي استأمن له نور الدين الشيخ عمر الملا، و حين دخل نور الدين الموصل خرج إليه ابن أخيه فوقف بين يديه فأحسن إليه و أكرمه، و ألبسه خلعة جاءته من الخليفة فدخل فيها إلى البلد في أبهة عظيمة، و لم يدخل نور الدين الموصل حتى قوى الشتاء فأقام بها كما ذكرنا، فلما كان في آخر ليلة من إقامته بها رأى رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) يقول له:

طابت لك بلدك و تركت الجهاد و قتال أعداء اللَّه؟ فنهض من فوره إلى السفر، و ما أصبح إلا سائرا إلى الشام، و استقضى الشيخ ابن أبى عصرون، و كان معه على سنجار و نصيبين و الخابور، فاستناب فيها ابن أبى عصرون نوابا و أصحابا.

و فيها عزل صلاح الدين قضاة مصر لأنهم كانوا شيعة، و ولى قضاء القضاة بها لصدر الدين عبد الملك بن درباس المارداني الشافعيّ، فاستناب في سائر المعاملات قضاة شافعية، و بنى مدرسة للشافعية، و أخرى للمالكية، و اشترى ابن أخيه تقى الدين عمر دارا تعرف بمنازل العز، و جعلها مدرسة للشافعية و وقف عليها الروضة و غيرها. و عمر صلاح الدين أسوار البلد، و كذلك أسوار اسكندرية، و أحسن إلى الرعايا إحسانا كثيرا، و ركب فأغار على بلاد الفرنج بنواحي عسقلان و غزة و ضرب قلعة كانت لهم على أيلة، و قتل خلقا كثيرا من مقاتلتهم، و تلقى أهله و هم قادمون من الشام، و اجتمع شمله بهم بعد فرقة طويلة. و فيها قطع صلاح الدين الأذان بحي على خير العمل من ديار مصر كلها، و شرع في تمهيد الخطبة لبني العباس على المنابر.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 263
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست