نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 262
ثم دخلت سنة ست و ستين و خمسمائة
فيها كانت وفاة المستنجد و خلافة ابنه المستضيء، و ذلك أن المستنجد كان قد مرض في أول هذه السنة، ثم عوفي فيما يبدو للناس، فعمل ضيافة عظيمة بسبب ذلك، و فرح الناس بذلك، ثم أدخله الطبيب إلى الحمام و به ضعف شديد فمات في الحمام، و يقال: إن ذلك كان بإشارة بعض الدولة على الطبيب، استعجالا لموته، توفى يوم السبت بعد الظهر ثانى ربيع الآخر عن ثمان و أربعين سنة، و كانت مدة خلافته إحدى عشرة سنة و شهرا، و كان من خيار الخلفاء و أعدلهم و أرفقهم بالرعايا، و منع عنهم المكوس و الضرائب، و لم يترك بالعراق مكسا، و قد شفع إليه بعض أصحابه في رجل شرير، و بذل فيه عشرة آلاف دينار، فقال له الخليفة أنا أعطيك عشرة آلاف دينار و ائتني بمثله لأريح المسلمين من شره، و كان المستنجد أسمر طويل اللحية، و هو الثاني و الثلاثين من العباسيين و ذلك في الجمل لام باء و لهذا قال فيه بعض الأدباء:
أصبحت لب بنى العباس جملتها* * * إذا عددت حساب الجمل الخلفا
و كان أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر، و قد رأى في منامه رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) و هو يقول له: قل اللَّهمّ اهدني فيمن هديت، و عافني فيمن عافيت، دعاء القنوت بتمامه. و صلى عليه يوم الأحد قبل الظهر، و دفن بدار الخلافة، ثم نقل إلى الترب من الرصافة (رحمه اللَّه تعالى).
خلافة المستضيء
و هو أبو محمد الحسن بن يوسف المستنجد بن المقتفى، و أمه أرمنية تدعى عصمت، و كان مولده في شعبان سنة ست و ثلاثين و خمسمائة. بويع بالخلافة يوم مات أبوه بكرة الأحد تاسع ربيع الآخر، و بايعه الناس، و لم يل الخلافة أحد اسمه الحسن بعد الحسن بن على غير هذا، و وافقه في الكنية أيضا، و خلع يومئذ على الناس أكثر من ألف خلعة، و كان يوما مشهودا، و ولى قضاء قضاة بغداد الروح ابن الحدثنى يوم الجمعة حادي عشرين ربيع الآخر، و خلع على الوزير و هو الأستاذ عضد الدولة، و ضربت على بابه الدبابات ثلاثة أوقات الفجر و المغرب و العشاء، و أمر سبعة عشر أميرا من المماليك و أذن للوعاظ فتكلموا بعد ما منعوا مدة طويلة، لما كان يحدث بسبب ذلك من الشرور الطويلة، ثم كثر احتجابه، و لما جاءت البشارة بولايته إلى الموصل قال العماد الكاتب:
قد أضاء الزمان بالمستضيء* * * وارث البرد و ابن عم النبي
جاء بالحق و الشريعة و العدل* * * فيا مرحبا بهذا المحيي
فهنيئا لأهل بغداد فازوا* * * بعد بؤس بكل عيش هني
و مضى إن كان في الزمن المظلم* * * بالعود في الزمان المضي
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 262