responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 261

الملك نور الدين شديد الاهتمام قوى الاغتمام بذلك، حتى قرأ عليه بعض طلبة الحديث جزءا في ذلك فيه حديث مسلسل بالتبسم، فطلب منه أن يتبسم ليصل التسلسل، فامتنع من ذلك، و قال: إني لأستحي من اللَّه أن يراني متبسما و المسلمون يحاصرهم الفرنج بثغر دمياط. و قد ذكر الشيخ أبو شامة أن إمام مسجد أبى الدرداء بالقلعة المنصورة رأى في تلك الليلة التي أجلى فيها الفرنج عن دمياط رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) و هو يقول: سلم على نور الدين و بشره بأن الفرنج قد رحلوا عن دمياط، فقلت:

يا رسول اللَّه بأي علامة؟ فقال: بعلامة ما سجد يوم تل حارم و قال في سجوده: اللَّهمّ انصر دينك و من هو محمود الكلب؟. فلما صلى نور الدين عنده الصبح بشره بذلك و أخبره بالعلامة، فلما جاء إلى عند ذكر «من هو محمود الكلب» انقبض من قول ذلك، فقال له نور الدين: قل ما أمرك به رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم). فقال ذلك: فقال: صدقت، و بكى نور الدين تصديقا و فرحا بذلك، ثم كشفوا فإذا الأمر كما أخبر في المنام.

قال العماد الكاتب: و في هذه السنة عمر الملك نور الدين جامع داريا، و عمر مشهد أبى سليمان الدارانيّ بها، و شتى بدمشق. و فيها حاصر الكرك أربعة أيام، و فارقه من هناك نجم الدين أيوب والد صلاح الدين، متوجها إلى ابنه بمصر، و قد وصاه نور الدين أن يأمر ابنه صلاح الدين أن يخطب بمصر للخليفة المستنجد باللَّه العباسي، و ذلك أن الخليفة بعث يعاتبه في ذلك. و فيها قدم الفرنج من السواحل ليمنعوا الكرك مع ثبيب بن الرقيق و ابن القنقري، و كانا أشجع فرسان الفرنج، فقصدهما نور الدين ليقابلهما فحادا عن طريقه. و فيها كانت زلزلة عظيمة بالشام و الجزيرة و عمت أكثر الأرض، و تهدمت أسوار كثيرة بالشام، و سقطت دور كثيرة على أهلها، و لا سيما بدمشق و حمص و حماه و حلب و بعلبكّ، سقطت أسوارها و أكثر قلعتها، فجدد نور الدين عمارة أكثر ما وقع بهذه الأماكن.

و فيها توفى‌

الملك قطب الدين مودود بن زنكي‌

أخو نور الدين محمود صاحب الموصل، و له من العمر أربعون سنة، و مدة ملكه منها إحدى و عشرون سنة، و كان من خيار الملوك، محببا إلى الرعية، عطوفا عليهم، محسنا إليهم، حسن الشكل.

و تملك من بعده ولده سيف الدين غازى من الست خاتون بنت تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق أصحاب ماردين، و كان مدبر مملكته و المتحكم فيها فخر الدين عبد المسيح، و كان ظالما غاشما. و فيها كانت حروب كثيرة بين ملوك الغرب بجزيرة الأندلس، و كذلك كانت حروب كثيرة بين ملوك الشرق أيضا. و حج بالناس فيها و فيها قبلها الأمير برغش الكبير، و لم أر أحدا من أكابر الأعيان توفى فيها.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 261
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست