نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 248
ثلث مغلها، فأرسل معه جيشا عليه أسد الدين شيركوه بن شادى، فلما دخلوا بلاد مصر خرج إليهم الجيش الذين بها فاقتتلوا أشد القتال، فهزمهم أسد الدين و قتل منهم خلقا، و قتل ضرغام بن سوار و طيف برأسه في البلاد، و استقر أمر شاور في الوزارة، و تمهد حاله، ثم اصطلح العاضد و شاور على أسد الدين، و رجع عما كان عاهد عليه نور الدين، و أمر أسد الدين بالرجوع فلم يقبل منه، و عاث في البلاد، و أخذ أموالا كثيرة، و افتتح بلدانا كثيرة من الشرقية و غيرها، فاستغاث شاور عليهم بملك الفرنج الّذي بعسقلان، و اسمه مري، فأقبل في خلق كثير فتحول أسد الدين إلى بلبيس و قد حصنها و شحنها بالعدد و الآلات و غير ذلك، فحصروه فيها ثمانية أشهر، و امتنع أسد الدين و أصحابه أشد الامتناع، فبينما هم على ذلك إذ جاءت الأخبار بأن الملك نور الدين قدم اغتنم غيبة الفرنج فسار إلى بلادهم فقتل منهم خلقا كثيرا، و فتح حارم و قتل من الفرنج بها خلقا، و سار إلى بانياس، فضعف صاحب عسقلان الفرنجى، و طلبوا من أسد الدين الصلح فأجابهم إلى ذلك، و قبض من شاور ستين ألف دينار، و خرج أسد الدين و جيشه فساروا إلى الشام في ذي الحجة.
وقعة حارم
فتحت في رمضان من هذه السنة، و ذلك أن نور الدين استغاث بعساكر المسلمين فجاءوه من كل فج ليأخذ ثأره من الفرنج، فالتقى معهم على حارم فكسرهم كسرة فظيعة، و أسر البرنس بيمند صاحب أنطاكية، و القومص صاحب طرابلس، و الدوك صاحب الروم، و ابن جوسليق، و قتل منهم عشرة آلاف، و قيل عشرين ألفا. و في ذي الحجة منها فتح نور الدين مدينة بانياس، و قيل إنه إنما فتحها في سنة ستين فاللَّه أعلم. و كان معه أخوه نصر الدين أمير أميران، فأصابه سهم في إحدى عينيه فأذهبها، فقال له الملك نور الدين: لو نظرت لما أعد اللَّه لك من الأجر في الآخرة لأحببت أن تذهب الأخرى. و قال لابن معين الدين: إنه اليوم بردت جلدة والدك من نار جهنم، لأنه كان سلمها للفرنج، فصالحه عن دمشق. و في شهر ذي الحجة احترق قصر جيرون حريقا عظيما، فحضر في تلك الليلة الأمراء منهم أسد الدين شيركوه، بعد رجوعه من مصر، و سعى سعيا عظيما في إطفاء هذه النار و صون حوزة الجامع منها.
و ممن توفى فيها من الأعيان.
جمال الدين
وزير صاحب الموصل، قطب الدين مودود بن زنكي، كان كثير المعروف، و اسمه محمد بن على ابن أبى منصور، أبو جعفر الأصبهاني، الملقب بالجمال، كان كثير الصدقة و البر، و قد أثر آثارا حسنة بمكة و المدينة، من ذلك أنه ساق عينا إلى عرفات، و عمل هناك مصانع، و بنى مسجد الخيف و درجه، و عملها بالرخام، و بنى على المدينة النبويّة سورا، و بنى جسرا على دجلة عند جزيرة ابن
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 248