responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 208

و قتلوا منهم خلقا كثيرا و أسروا الخليفة، ثم نهبت أموالهم و حواصلهم، من جملة ذلك أربعة آلاف ألف دينار، و غير ذلك من الأثاث و الخلع و الآنية و القماش، ف إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‌. و طار الخبر في الأقاليم بذلك، و حين بلغ الخبر إلى بغداد انزعج الناس لذلك، و زلزلوا زلزالا شديدا، صورة و معنى، و جاءت العامة إلى المنابر فكسروها و امتنعوا من حضور الجماعات، و خرج النساء في البلد حاسرات ينحن على الخليفة، و ما جرى عليه من الأسر، و تأسى بأهل بغداد في ذلك خلق كثير من أهل البلاد، و تمت فتنة كبيرة و انتشرت في الأقاليم، و استمر الحال على ذلك شهر ذي القعدة و الشناعة في الأقاليم منتشرة، فكتب الملك سنجر إلى ابن أخيه يحذره غب ذلك عاقبة ما وقع فيه من الأمر العظيم، و يأمره أن يعيد الخليفة إلى مكانه و دار خلافته، فامتثل الملك مسعود ذلك و ضرب للخليفة سرادق عظيم، و نصب له فيه قبة عظيمة و تحتها سرير هائل، و ألبس السواد على عادته و أركبه بعض ما كان يركبه من مراكبه، و أمسك لجام الفرس و مشى في خدمته، و الجيش كلهم مشاة حتى أجلس الخليفة على سريره، و وقف الملك مسعود فقبل الأرض بين يديه و خلع الخليفة عليه، و جي‌ء بدبيس مكتوفا و عن يمينه أميران، و عن يساره أميران، و سيف مسلول و نسعة بيضاء، فطرح بين يدي الخليفة ما ذا يرسم تطبيبا لقلبه، فأقبل السلطان فشفع في دبيس و هو ملقى يقول العفو يا أمير المؤمنين، أنا أخطأت و العفو عند المقدرة. فأمر الخليفة بإطلاقه و هو يقول: لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللَّه لكم. فنهض قائما و التمس أن يقبل يد الخليفة فأذن له فقبلها، و أمرها على وجهه و صدره. و سأل العفو عنه و عما كان منه، و استقر الأمر على ذلك، و طار هذا الخبر في الآفاق و فرح الناس بذلك، فلما كان مستهل ذي الحجة جاءت الرسل من جهة الملك سنجر إلى ابن أخيه يستحثه على الإحسان إلى الخليفة، و أن يبادر إلى سرعة رده إلى وطنه، و أرسل مع الرسل جيشا ليكونوا في خدمة الخليفة إلى بغداد، فصحب الجيش عشرة من الباطنية، فلما وصل الجيش حملوا على الخليفة فقتلوه في خيمته و قطعوه قطعا، و لم يلحق الناس منه إلا الرسوم، و قتلوا معه أصحابه منهم عبيد اللَّه بن سكينة، ثم أخذ أولئك الباطنية فأحرقوا قبحهم اللَّه، و قيل إنهم كانوا مجهزين لقتله فاللَّه أعلم. و طار هذا الخبر في الآفاق فاشتد حزن الناس على الخليفة المسترشد، و خرجت النساء في بغداد حاسرات عن وجوههن ينحن في الطرقات، قتل على باب مراغة في يوم الخميس سابع عشر ذي الحجة و حملت أعضاؤه إلى بغداد، و عمل عزاؤه ثلاثة أيام بعد ما بويع لولده الراشد، و قد كان المسترشد، شجاعا مقداما بعيد الهمة فصيحا بليغا، عذب الكلام حسن الإيراد، مليح الخط، كثير العبادة محببا إلى العامة و الخاصة، و هو آخر خليفة رئي خطيبا، قتل و عمره خمس و أربعون سنة، و ثلاثة أشهر، و كانت مدة خلافة سبع عشرة سنة و ستة أشهر و عشرين يوما، و كانت أمه أم ولد من الأتراك‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست