responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 192

سارت بفصاحتها الركبان، و كاد يربو فيها على سحبان، و لم يسبق إلى مثلها و لا يلحق، ولد سنة ست و أربعين و أربعمائة و سمع الحديث و اشتغل باللغة و النحو، و صنف في ذلك كله، و فاق أهل زمانه، و برز على أقرانه، و أقام ببغداد و عمل صناعة الإنشاء مع الكتاب في باب الخليفة، و لم يكن ممن تنكر بديهته و لا تتعكر فكرته و قريحته. قال ابن الجوزي: صنف و قرأ الأدب و اللغة، و فاق أهل زمانه بالذكاء و الفطنة و الفصاحة، و حسن العبارة، و صنف المقامات المعروفة التي من تأملها عرف ذكاء منشئها، و قدره و فصاحته، و علمه. توفى في هذه السنة بالبصرة. و قد قيل إن أبا زيد و الحارث بن همام المطهر لا وجود لهما، و إنما جعل هذه المقامات من باب الأمثال، و منهم من يقول أبو زيد بن سلام السروجي كان له وجود، و كان فاضلا، و له علم و معرفة باللغة فاللَّه أعلم. و ذكر ابن خلكان أن أبا زيد كان اسمه المطهر بن سلام، و كان بصريا فاضلا في النحو و اللغة، و كان يشتغل عليه الحريري بالبصرة، و أما الحارث بن همام فإنه غنى بنفسه، لما جاء في الحديث كلكم حارث و كلكم همام. كذا قال ابن خلكان. و إنما اللفظ المحفوظ «أصدق الأسماء حارث و همام» لأن كل أحد إما حارث و هو الفاعل، أو همام من الهمة و هو العزم و الخاطر، و ذكر أن أول مقامة عملها الثامنة و الأربعون و هي الحرامية، و كان سببها أنه دخل عليهم في مسجد البصرة رجل ذو طمرين فصيح اللسان، فاستسموه فقال أبو زيد السروجي، فعمل فيه هذه المقامة، فأشار عليه وزير الخليفة المسترشد جلال الدين عميد الدولة أبو على الحسن بن أبى المعز بن صدقة، أن يكمل عليها تمام خمسين مقامة. قال ابن خلكان: كذا رأيته في نسخة بخط المصنف، على حاشيتها، و هو أصح من قول من قال إنه الوزير شرف الدين أبو نصر أنوشروان بن محمد بن خالد بن محمد القاشاني، و هو وزير المسترشد أيضا، و يقال إن الحريري كان قد عملها أربعين مقامة، فلما قدم بغداد و لم يصدق في ذلك لعجز الناس عن مثلها، فامتحنه بعض الوزراء أن يعمل مقامة فأخذ الدواة و القرطاس و جلس ناحية فلم يتيسر له شي‌ء، فلما عاد إلى بلده عمل عشرة أخرى فأتمها خمسين مقامة، و قد قال فيه أبو القاسم على بن أفلح الشاعر، و كان من جملة المكذبين له فيها:

شيخ لنا من ربيعة الفرس* * * ينتف عثنونه من الهوس‌

أنطقه اللَّه بالمشان كما* * * رماه وسط الديوان بالخرس‌

و معنى قوله بالمشان هو مكان بالبصرة، و كان الحريري صدر ديوان المشان، و يقال إنه كان ذميم الخلق، فاتفق أن رجلا رحل إليه فلما رآه ازدراه ففهم الحريري ذلك فأنشأ يقول:

ما أنت أول سار غره قمر* * * و رائدا أعجبته خضرة الدمن‌

فاختر لنفسك غيري إنني رجل* * * مثل المعيدي فاسمع بى و لا ترني‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست