responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 174

شبيبته حتى أنه درس بالنظاميّة ببغداد، في سنة أربع و ثمانين، و له أربع و ثلاثون سنة، فحضر عنده رءوس العلماء، و كان ممن حضر عنده أبو الخطاب و ابن عقيل، و هما من رءوس الحنابلة، فتعجبوا من فصاحته و اطلاعه، قال ابن الجوزي: و كتبوا كلامه في مصنفاتهم، ثم إنه خرج عن الدنيا بالكلية و أقبل على العبادة و أعمال الآخرة، و كان يرتزق من النسخ، و رحل إلى الشام فأقام بها بدمشق و بيت المقدس مدة، و صنف في هذه المدة كتابه إحياء علوم الدين، و هو كتاب عجيب، يشتمل على علوم كثيرة من الشرعيات، و ممزوج بأشياء لطيفة من التصوف و أعمال القلوب، لكن فيه أحاديث كثيرة غرائب و منكرات و موضوعات، كما يوجد في غيره من كتب الفروع التي يستدل بها على الحلال و الحرام، فالكتاب الموضوع للرقائق و الترغيب و الترهيب أسهل أمرا من غيره، و قد شنع عليه أبو الفرج ابن الجوزي، ثم ابن الصلاح، في ذلك تشنيعا كثيرا، و أراد المازري أن يحرق كتابه إحياء علوم الدين، و كذلك غيره من المغاربة، و قالوا: هذا كتاب إحياء علوم دينه، و أما ديننا فاحياء علومه كتاب اللَّه و سنة رسوله، كما قد حكيت ذلك في ترجمته في الطبقات، و قد زيف ابن شكر مواضع إحياء علوم الدين، و بين زيفها في مصنف مفيد، و قد كان الغزالي يقول: أنا مزجى البضاعة في الحديث، و يقال إنه مال في آخر عمره إلى سماع الحديث و التحفظ للصحيحين، و قد صنف ابن الجوزي كتابا على الأحياء و سماه علوم الأحياء بأغاليط الاحيا، قال ابن الجوزي: ثم ألزمه بعض الوزراء بالخروج إلى نيسابور فدرس بنظاميتها، ثم عاد إلى بلده طوس فأقام بها، و ابتنى رباطا و اتخذ دارا حسنة، و غرس فيها بستانا أنيقا، و أقبل على تلاوة القرآن و حفظ الأحاديث الصحاح، و كانت وفاته في يوم الاثنين الرابع عشر من جمادى الآخرة من هذه السنة، و دفن بطوس (رحمه اللَّه تعالى)، و قد سأله بعض أصحابه و هو في السياق فقال: أوصني، فقال: عليك بالإخلاص، و لم يزل يكررها حتى مات (رحمه اللَّه).

ثم دخلت سنة ست و خمسمائة

في جمادى الآخرة منها جلس ابن الطبري مدرسا بالنظاميّة و عزل عنها الشاشي. و فيها دخل الشيخ الصالح أحد العباد يوسف بن داود إلى بغداد، فوعظ الناس، و كان له القبول التام، و كان شافعيا تفقه بالشيخ أبى إسحاق الشيرازي، ثم اشتغل بالعبادة و الزهادة، و كانت له أحوال صالحة، جاراه رجل مرة يقال له ابن السقافى مسألة فقال: له اسكت فانى أجد من كلامك رائحة الكفر، و لعلك أن تموت على غير دين الإسلام، فاتفق بعد حين أنه خرج ابن السقا إلى بلاد الروم في حاجة فتنصر هناك، ف إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‌. و قام إليه مرة و هو يعظ الناس ابنا أبى بكر الشاشي فقالا له: إن كنت تتكلم على مذهب الأشعري و إلا فاسكت، فقال: لا متعتما بشبابكما، فماتا شابين، و لم يبلغا سن الكهولة. و حج بالناس فيها أمير الجيوش بطز الخادم، و نالهم عطش.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 174
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست