نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 173
و دفن إلى جانب الشيخ أبى إسحاق الشيرازي. و ذكر ابن خلكان أنه كان يحفظ الحديث و يناظر به، و هو القائل: إذا جالت فرسان الأحاديث في ميادين الكفاح، طارت رءوس المقاييس في مهاب الرياح، و حكى السلفي عنه أنه استفتى في كتبة الحديث هل يدخلون في الوصية للفقهاء؟ فأجاب: نعم
لقوله (صلى اللَّه عليه و سلم) «من حفظ على أمتى أربعين حديثا بعثه اللَّه عالما».
و استفتى في يزيد بن معاوية فذكر عنه تلاعبا و فسقا، و جوز شتمه، و أما الغزالي فإنه خالف في ذلك، و منع من شتمه و لعنه، لأنه مسلم، و لم يثبت بأنه رضى بقتل الحسين، و لو ثبت لم يكن ذلك مسوغا للعنه، لأن القاتل لا يلعن، لا سيما و باب التوبة مفتوح، و الّذي يقبل التوبة عن عباده غفور رحيم. قال الغزالي: و أما الترحم عليه فجائز، بل مستحب، بل نحن نترحم عليه في جملة المسلمين و المؤمنين، عموما في الصلوات.
ذكره ابن خلكان مبسوطا بلفظه في ترجمة الكيا هذا، قال: و الكيا كبير القدر مقدم معظم و اللَّه أعلم.
ثم دخلت سنة خمس و خمسمائة
فيها بعث السلطان غياث الدين جيشا كثيفا، صحبة الأمير مودود بن زنكي صاحب الموصل، في جملة أمراء و نواب، منهم سكمان القطبي، صاحب تبريز، و أحمد يل صاحب مراغة، و الأمير إيلغازي صاحب ماردين، و على الجميع الأمير مودود صاحب الموصل، لقتال الفرنج بالشام، فانتزعوا من أيدي الفرنج حصونا كثيرة، و قتلوا منهم خلقا كثيرا و للَّه الحمد، و لما دخلوا دمشق دخل الأمير مودود إلى جامعها ليصلي فيه فجاءه باطني في زي سائل فطلب منه شيئا فأعطاه، فلما اقترب منه ضربه في فؤاده فمات من ساعته، و وجد رجل أعمى في سطح الجامع ببغداد معه سكين مسموم فقيل إنه كان يريد قتل الخليفة. و فيها ولد للخليفة من بنت السلطان ولد فضربت الدبادب و البوقات، و مات له ولد و هكذا الدنيا فرضى بوفاته و جلس الوزير للهناء و العزاء. و في رمضان عزل الوزير أحمد بن النظام، و كانت مدة وزارته أربع سنين و إحدى عشر شهرا. و فيها حاصرت الفرنج مدينة صور، و كانت بأيدي المصريين، عليها عز الملك الاعز من جهتهم، فقاتلهم قتالا شديدا، و منعها منعا جيدا، حتى فنى ما عنده من النشاب و العدد، فامده طغتكين صاحب دمشق، و أرسل إليه العدد و الآلات فقوى جأشه و ترحلت عنه الفرنج في شوال منها. و حج بالناس أمير الجيوش قطز الخادم، و كانت سنة مخصبة مرخصة.
و ممن توفى فيها من الأعيان
أبو حامد الغزالي.
محمد بن محمد بن محمد
أبو حامد الغزالي، ولد سنة خمسين و أربعمائة، و تفقه على إمام الحرمين، و برع في علوم كثيرة، و له مصنفات منتشرة في فنون متعددة، فكان من أذكياء العالم في كل ما يتكلم فيه، و ساد في
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 12 صفحه : 173