responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 143

فيه ماء قصب السكر بالثلج، فشرب منه فأعجبه فقال: كيف تصنعون هذا؟ فقالت: إنه سهل علينا اعتصاره على أيدينا، فطلب منها شربة أخرى فذهبت لتأتيه بها فوقع في نفسه أن يأخذ هذا المكان منهم و يعوضهم عنه غيره، فأبطأت عليه ثم خرجت و ليس معها شي‌ء، فقال: ما لك؟

فقالت: كأن نية سلطاننا تغيرت علينا، فتعسر على اعتصاره- و هي لا تعرف أنه السلطان- فقال:

اذهبي فإنك الآن تقدرين عليه، و غير نيته إلى غيرها، فذهبت و جاءته بشربة أخرى سريعا فشربها و انصرف. فقال له السلطان: هذه تصلح لي و لكن قص على الرعية أيضا حكاية كسرى الأخرى حين اجتاز ببستان و قد أصابته صفراء في رأسه و عطش، فطلب من ناطوره عنقودا من حصرم، فقال له الناطور: إن السلطان لم يأخذ حقه منه، فلا أقدر أن أعطيك منه شيئا. قال: فعجب الناس من ذكاء الملك و حسن استحضاره هذه في مقابلة تلك. و استعداه رجلان من الفلاحين على الأمير خمارتكين أنه أخذ منهما مالا جزيلا و كسر ثنيتهما، و قالا: سمعنا بعدلك في العالم، فان أقدتنا منه كما أمرك اللَّه و إلا استعدينا عليك اللَّه يوم القيامة، و أخذا بركابه، فنزل عن فرسه و قال لهما: خذا بكمي و اسحبانى إلى دار نظام الملك، فهابا ذلك، فعزم عليهما أن يفعلا، ففعلا ما أمرهما به، فلما بلغ النظام مجي‌ء السلطان إليه خرج مسرعا فقال له الملك: إني إنما قلدتك الأمر لتنصف المظلوم ممن ظلمه، فكتب من فوره فعزل خمارتكين و حل أقطاعه، و أن يرد إليهما أموالهما، و أن يقلعا ثنيتيه إن قامت عليه البينة و أمر لها الملك من عنده بمائة دينار، و أسقط مرة بعض المكوس، فقال له رجل من المستوفين: يا سلطان العالم، إن هذا الّذي أسقطته يعدل ستمائة ألف دينار و أكثر، فقال: ويحك إن المال مال اللَّه، و العباد عباد اللَّه، و البلاد بلاده، و إنما أردت أن يبقى هذا لي عند اللَّه، و من نازعنى في هذا ضربت عنقه. و غنته امرأة حسناء فطرب و تاقت نفسه إليها، فهم بها فقالت: أيها الملك إني أغار على هذا الوجه الجميل من النار، و بين الحلال و الحرام كلمة واحدة، فاستدعى القاضي فزوجه بها.

و قد ذكر ابن الجوزي عن ابن عقيل أن السلطان ملك شاه كان قد فسدت عقيدته بسبب معاشرته لبعض الباطنية ثم تنصل من ذلك و راجع الحق. و ذكر ابن عقيل أنه كتب له شيئا في إثبات الصانع، و قد ذكرنا أنه لما رجع آخر مرة إلى بغداد فعزم على الخليفة أن يخرج منها، فاستنظره عشرة أيام فمرض السلطان و مات قبل انقضاء العشرة أيام، و كانت وفاته في ليلة الجمعة النصف من شوال عن سبع و ثلاثين سنة و خمسة أشهر، و كان مدة ملكه من ذلك تسع عشرة سنة و أشهرا، و دفن بالشونيزي، و لم يصل عليه أحد لكتمان الأمر، و كان مرضه بالحمى، و قيل إنه سم، و اللَّه أعلم.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست