responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 97

ذلك بالهاشمية المتاخمة للكوفة، و كان قد شرع في بنائها في السنة الخارجة، و قيل في سنة أربع و أربعين و مائة فاللَّه أعلم.

و قد كان السبب الباعث له على بنائها أن الراوندية لما وثبوا عليه بالكوفة و وقاه اللَّه شرهم، بقيت منهم بقية فخشي على جنده منهم، فخرج من الكوفة يرتاد لهم موضعا لبناء مدينة، فسار في الأرض حتى بلغ الجزيرة فلم ير موضعا أحسن لوضع المدينة من موضع بغداد الّذي هي فيه الآن، و ذلك بأنه موضع يغدا إليه و يراح بخيرات ما حوله في البر و البحر، و هو محصن بدجلة و الفرات من هاهنا و هاهنا، لا يقدر أحد أن يتوصل إلى موضع الخليفة إلا على جسر، و قد بات به المنصور قبل بنائه ليالي فرأى الرياح تهب به ليلا و نهارا من غير انجعار و لا غبار، و رأى طيب تلك البقعة و طيب هوائها، و قد كان في موضعها قرى و ديور لعباد النصارى و غيرهم- ذكر ذلك مفصلا بأسمائه و تعداده أبو جعفر ابن جرير- فحينئذ أمر المنصور باختطاطها فرسموها له بالرماد فمشى في طرقها و مسالكها فأعجبه ذلك، ثم سلم كل ربع منها لأمير يقوم على بنائه، و أحضر من كل البلاد فعالا و صناعا و مهندسين، فاجتمع عنده ألوف منهم، ثم كان هو أول من وضع لبنة فيها بيده و قال: بسم اللَّه و الحمد للَّه، و الأرض للَّه يورثها من يشاء من عبادة و العاقبة للمتقين. ثم قال: ابنوا على بركة اللَّه. و أمر ببنائها مدورة سمك سورها من أسفله خمسون ذراعا، و من أعلاه عشرون ذراعا، و جعل لها ثمانية أبواب في السور البراني، و مثلها في الجواني، و ليس كل واحد تجاه الآخر، و لكن جعله أزور عن الّذي يليه، و لهذا سميت بغداد الزوراء، لازورار أبوابها بعضها عن بعض، و قيل سميت بذلك لانحراف دجلة عندها.

و بنى قصر الامارة في وسط البلد ليكون الناس منه على حد سواء، و اختط المسجد الجامع إلى جانب القصر، و كان الّذي وضع قبلته الحجاج بن أرطاة. و قال ابن جرير: و يقال إن في قبلته انحرافا يحتاج المصلى فيه أن ينحرف إلى ناحية باب البصرة، و ذكر أن مسجد الرصافة أقرب إلى الصواب منه لأنه بنى قبل القصر، و جامع المدينة بنى على القصر، فاختلت قبلته بسبب ذلك. و ذكر ابن جرير عن سليمان بن مجالد أن المنصور أراد أبا حنيفة النعمان بن ثابت على القضاء بها فأبى و امتنع فحلف المنصور أن يتولى له، و حلف أبو حنيفة أن لا يتولى له، فولاه القيام بأمر المدينة و ضرب اللبن، و أخذ الرجال بالعمل، فتولى ذلك حتى فرغوا من استتمام حائط المدينة مما يلي الخندق، و كان استتمامه في سنة أربع و أربعين و مائة. قال ابن جرير: و ذكر عن الهيثم بن عدي أن المنصور عرض على أبى حنيفة القضاء و المظالم فامتنع، فحلف أن لا يقلع عنه حتى يعمل له، فأخبر بذلك أبو حنيفة فدعا بقصبة فعد اللبن ليبر بذلك يمين أبى جعفر، و مات أبو حنيفة ببغداد بعد ذلك. و ذكر أن خالد ابن برمك هو الّذي أشار على المنصور ببنائها، و أنه كان مستحثا فيها للصناع، و قد شاور المنصور

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 97
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست