responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 93

بعث مع ابنه المهدي ثلاثين ألفا إلى الري، و بعث مع محمد بن الأشعث إلى إفريقية أربعين ألفا و الباقون مع عيسى بن موسى بالحجاز، و لم يبق مع المنصور سوى ألفى فارس. و كان يأمر بالنيران الكثيرة فتوقد ليلا، فيحسب الناظر إليها أن ثم جندا كثيرا. ثم كتب المنصور إلى عيسى بن موسى: إذا قرأت كتابي هذا فأقبل من فورك و دع كل ما أنت فيه. فلم ينشب أن أقبل إليه فقال له: اذهب إلى إبراهيم بالبصرة و لا يهولنك كثرة من معه، فإنهم جملا بنى هاشم المقتولان جميعا، فابسط يدك وثق بما عندك و ستذكر ما أقول لك فكان الأمر كما قال المنصور. و كتب المنصور إلى ابنه المهدي أن يوجه خازم بن خزيمة في أربعة آلاف إلى الأهواز، فذهب إليها فأخرج منها نائب إبراهيم- و هو المغيرة- و أباحها ثلاثة أيام، و رجع المغيرة إلى البصرة، و كذلك بعث إلى كل كورة من هذه الكور التي نقضت بيعته جندا يردون أهلها إلى الطاعة. قالوا: و لزم المنصور موضع مصلاه فلا يبرح منه ليلا و نهارا في ثياب بذلة قد اتسخت، فلم يزل مقيما هناك بضعا و خمسين يوما حتى فتح اللَّه عليه. و قد قيل له في غبون ذلك: إن نساءك قد خبثت نفسهن لغيبتك عنهن. فانتهر القائل و قال: ويحك ليست هذه أيام نساء، حتى أرى رأس إبراهيم بين يدي، أو يحمل رأسي إليه.

و قال بعضهم: دخلت على المنصور و هو مهموم من كثرة ما وقع من الشرور، و هو لا يستطيع أن يتابع الكلام من كثرة همه، و ما تفتق عليه من الفتوق و الخروق، و هو مع ذلك قد أعد لكل أمر ما يسد خلله به، و قد خرجت عن يده البصرة و الأهواز و أرض فارس و المدائن و أرض السواد، و في الكوفة عنده مائة ألف مغمدة سيوفها تنتظر به صيحة واحدة، فيثبون مع إبراهيم، و هو مع ذلك يعرك النوائب و يمرسها و لم تقعد به نفسه و هو كما قال الشاعر:

نفس عصام سودت عصاما* * * و علمته الكر و الاقداما

فصيرته ملكا هماما

و أقبل إبراهيم بعساكر من البصرة إلى الكوفة في مائة ألف مقاتل فأرسل إليه المنصور عيسى ابن موسى في خمسة عشر ألفا، و على مقدمته حميد بن قحطبة في ثلاثة آلاف. و جاء إبراهيم فنزل في باخمرى في جحافل عظيمة، فقال له بعض الأمراء: إنك قد اقتربت من المنصور فلو أنك سرت إليه بطائفة من جيشك لأخذت بقفاه فإنه ليس عنده من الجيوش ما يردون عنه. و قال آخرون:

إن الأولى أن نناجز هؤلاء الذين بإزائنا، ثم هو في قبضتنا. فثناهم ذلك عن الرأى الأول. و لو فعله لتم فلهم الأمر. ثم قال بعضهم: خندق حول الجيش. و قال آخرون: إن هذا الجيش لا يحتاج إلى خندق حوله، فترك ذلك. ثم أشار بعضهم أن يبيت جيش عيسى بن موسى فقال إبراهيم: أنا لا أرى ذلك، فتركه. ثم أشار آخرون بأن يجعل جيشه كراديس فان غلب كردوس ثبت الآخر، و قال آخرون: الأولى أن نقاتل صفوفا لقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست