responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 89

وحده لنذهب به إلى الخليفة. فجعلوا يسبونه و ينالون من أمه، و يكلمونه بكلام شنيع، و يخاطبونه مخاطبة فظيعة. و قالوا له: هذا ابن رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) معنا و نحن معه، نقاتل دونه.

فلما كان اليوم الثالث أتاهم في خيل و رجال و سلاح و رماح لم ير مثلها، فناداه يا محمد! إن أمير المؤمنين أمرنى أن لا أقاتلك حتى أدعوك إلى الطاعة، فان فعلت أمنك و قضى دينك و أعطاك أموالا و أراضى، و إن أبيت قاتلتك فقد دعوتك غير مرة. فناداه محمد: إنه ليس لكم عندي إلا القتال. فنشبت الحرب حينئذ بينهم، و كان جيش عيسى بن موسى فوق أربعة آلاف، و على مقدمته حميد بن قحطبة، و على ميمنته محمد بن السفاح، و على ميسرته داود بن كرار، و على الساقة الهيثم بن شعبة، و معهم عدد لم ير مثلها. و فرق عيسى أصحابه في كل قطر طائفة. و كان محمد و أصحابه على عدة أصحاب أهل بدر، و اقتتل الفريقان قتالا شديدا جدا، و ترجل محمد إلى الأرض فيقال إنه قتل بيده من جيش عيسى بن موسى سبعين رجلا من أبطالهم، و أحاط بهم أهل العراق فقتلوا طائفة من أصحاب محمد بن عبد اللَّه بن حسن، فاقتحموا عليهم الخندق الّذي كانوا حفروه و عملوا أبوابا على قدره، و قيل إنهم ردموه بحدائج الجمال حتى أمكنهم أن يجوزوه، و قد يكونون فعلوا هذا موضع منه، و هذا في موضع آخر و اللَّه أعلم.

و لم تزل الحرب ناشبة بينهم حتى صليت العصر. فلما صلى محمد العصر نزلوا إلى مسيل الوادي بسلع فكسر جفن سيفه و عقر فرسه و فعل أصحابه مثله و صبروا أنفسهم للقتال و حميت الحرب حينئذ جدا، فاستظهر أهل العراق و رفعوا راية سوداء فوق سلع، ثم دنوا إلى المدينة فدخلوها و نصبوا راية سوداء فوق مسجد رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم).

فلما رأى ذلك أصحاب محمد تنادوا: أخذت المدينة، و هربوا و بقي محمد في شرذمة قليلة جدا.

ثم بقي وحده و ليس معه أحد، و في يده سيف صلت يضرب به من تقدم إليه، فكان لا يقوم له شي‌ء إلا أنامه، حتى قتل خلقا من أهل العراق من الشجعان، و يقال إنه كان في يده يومئذ ذو الفقار ثم تكاثر عليه الناس فتقدم إليه رجل فضربه بسيفه تحت شحمة أذنه اليمنى فسقط لركبتيه و جعل يحمى نفسه و يقول: ويحكم ابن نبيكم مجروح مظلوم. و جعل حميد بن قحطبة يقول: ويحكم! دعوه لا تقتلوه، فأحجم عنه الناس و تقدم إليه حميد بن قحطبة فحز رأسه و ذهب به إلى عيسى بن موسى فوضعه بين يديه. و كان حميد قد حلف أن يقتله متى رآه، فما أدركه إلا كذلك. و لو كان على حاله و قوته لما استطاعة حميد و لا غيره من الجيش.

و كان مقتل محمد بن عبد اللَّه بن حسن عند أحجاز الزيت يوم الاثنين بعد العصر، لأربع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة خمس و أربعين و مائة، و قال عيسى بن موسى لأصحابه حين وضع‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست