responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 88

اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) ندم يوم أحد على الخروج منها، ثم اتفقوا على حفر خندق حول المدينة كما فعل رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) يوم الأحزاب، فأجاب إلى ذلك كله، و حفر مع الناس في الخندق بيده اقتداء برسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)، و قد ظهر لهم لبنة من الخندق الّذي حفره رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)، ففرحوا بذلك و كبروا و بشروه بالنصر. و كان محمد حاضرا عليه قباء أبيض و في وسطه منطقة، و كان شكلا ضخما أسمر عظيم الهامة.

و لما نزل عيسى بن موسى الأعوص و اقترب من المدينة، صعد محمد بن عبد اللَّه المنبر فخطب الناس و حثهم على الجهاد- و كانوا قريبا من مائة ألف- فقال لهم في جملة ما قال: إني جعلتكم في حل من بيعتي، فمن أحب منتكم أن يقيم عليها فعل. و من أحب أن يتركها فعل. فتسلل كثير منهم أو أكثرهم عنه، و لم يبق إلا شرذمة قليلة معه، و خرج أكثر أهل المدينة بأهليهم منها لئلا يشهدوا القتال بها، فنزلوا الأعراض و رءوس الجبال. و قد بعث محمد أبا الليث ليردهم عن الخروج فلم يمكنه ذلك في أكثرهم، و استمروا ذاهبين. و قال محمد لرجل أ تأخذ سيفا و رمحا و ترد هؤلاء الذين خرجوا من المدينة؟ فقال: نعم إن أعطيتنى رمحا أطعنهم و هم بالأعراض، و سيفا أضربهم و هم في رءوس الجبال فعلت. فسكت محمد ثم قال لي: ويحك؟ إن أهل الشام و العراق و خراسان قد بيضوا يعنى لبسوا البياض- موافقة لي و خلعوا السواد فقال: و ما ذا ينفعني أن لو بقيت الدنيا زبدة بيضاء- و أنا في مثل صوفة الدواة، و هذا عيسى بن موسى نازل بالأعوص. ثم جاء عيسى بن موسى فنزل قريبا من المدينة، على ميل منها، فقال له دليله ابن الأصم: إني أخشى إذا كشفتموهم أن يرجعوا إلى معسكرهم سريعا قبل أن تدركهم الخيل. ثم ارتحل به فأنزله الجرف على سقاية سليمان بن عبد الملك على أربعة أميال من المدينة، و ذلك يوم السبت لصبح اثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان من هذه السنة. و قال: إن الراجل إذا هرب لا يقدر على الهرولة أكثر من ميلين أو ثلاثة فتدركه الخيل.

و أرسل عيسى بن موسى خمسمائة فارس فنزلوا عند الشجرة في طريق مكة، و قال لهم هذا الرجل إن هرب فليس له ملجأ إلا مكة، فحولوا بينه و بينها. ثم أرسل عيسى إلى محمد يدعوه إلى السمع و الطاعة لأمير المؤمنين المنصور، و أنه قد أعطاه الأمان له و لا هل بيته إن هو أجابه. فقال محمد للرسول: لو لا أن الرسل لا تقتل لقتلتك. ثم بعث إلى عيسى بن موسى يقول له: إني أدعوك إلى كتاب اللَّه و سنة رسوله، فاحذر أن تمتنع فأقتلك فتكون شر قتيل، أو تقتلني فتكون قتلت من دعاك إلى اللَّه و رسوله. ثم جعلت الرسل تتردد بينهما ثلاثة أيام، هذا يدعو هذا، و هذا يدعو هذا.

و جعل عيسى بن موسى يقف في كل يوم من هذه الأيام الثلاثة على الثنية عند سلع فينادي: يا أهل المدينة إن دماءكم علينا حرام فمن جاءنا فوقف تحت رايتنا فهو آمن، و من خرج من المدينة فهو آمن، و من دخل داره فهو آمن، و من ألقى سلاحه فهو آمن، فليس لنا في قتالكم أرب، و إنما نريد محمدا

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست