نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 72
قد نلت بالعزم و الكتمان ما عجزت* * * عنه ملوك بنى مروان إذ حشدوا
ما زلت أضربهم بالسيف فانتبهوا* * * من رقدة لم ينمها قبلهم أحد
و طفت أسعى عليهم في ديارهم* * * و القوم في ملكهم في الشام قد رقدوا
و من رعى غنما في أرض مسبعة* * * و نام عنها تولى رعيها الأسد
و قد كان قتل أبى مسلم بالمدائن يوم الأربعاء لسبع خلون، و قيل لخمس بقين، و قيل لأربع، و قيل لليلتين بقيتا من شعبان من هذه السنة- أعنى سنة سبع و ثلاثين و مائة- قال بعضهم: كان ابتداء ظهوره في رمضان من سنة تسع و عشرين و مائة، و قيل في شعبان سنة سبع و عشرين و مائة.
و زعم بعضهم أنه قتل ببغداد في سنة أربعين، و هذا غلط من قائله، فان بغداد لم تكن بنيت بعد كما ذكره الخطيب في تاريخ بغداد، و رد هذا القول.
ثم إن المنصور شرع في تأليف أصحاب أبى مسلم بالأعطية و الرغبة و الرهبة و الولايات، و استدعى أبا إسحاق- و كان من أعز أصحاب أبى مسلم- و كان على شرطة أبى مسلم، و همّ بضرب عنقه فقال: يا أمير المؤمنين و اللَّه ما أمنت قط إلا في هذا اليوم، و ما من يوم كنت أدخل عليك إلا تحنطت و لبست كفني. ثم كشف عن ثيابه التي تلى جسده فإذا هو محنط و عليه أدراع أكفان، فرق له المنصور و أطلقه و ذكر ابن جرير أن أبا مسلم قتل في حروبه و ما كان يتعاطاه لأجل دولة بنى العباس ستمائة ألف صبرا زيادة عن من قتل بغير ذلك. و قد قال للمنصور و هو يعاتبه على ما كان يصنعه: يا أمير المؤمنين لا يقال لي هذا بعد بلائي و ما كان منى. فقال له: يا ابن الخبيثة، لو كانت أمة مكانك لأجزأت ناحيتها، إنما عملت ما عملت بدولتنا و بريحنا، لو كان ذلك إليك لما وصلت إلى فتيل. و لما قتله المنصور لف في كساء و هو مقطع إربا إربا، فدخل عيسى بن موسى فقال: يا أمير المؤمنين أين أبو مسلم؟
قال: قد كان ها هاهنا آنفا. فقال: يا أمير المؤمنين قد عرفت طاعته و نصيحته و رأى إبراهيم الامام فيه. فقال له: يا أنوك و اللَّه ما أعلم في الأرض عدوا أعدى لك منه، ها هو ذاك في البساط. فقال:
إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. فقال له المنصور: خلع اللَّه قلبك! و هل كان لكم مكان أو سلطان أو أمر أو نهى مع أبى مسلم؟ ثم استدعى المنصور برءوس الأمراء فجعل يستشيرهم في قتل أبى مسلم قبل أن يعلموا بقتله، فكلهم يشير بقتله، و منهم من كان إذا تكلم أسر كلامه خوفا من أبى مسلم لئلا ينقل إليه، فلما أطلعهم على قتله أفزعهم ذلك و أظهروا سرورا كثيرا. ثم خطب المنصور الناس بذلك كما تقدم.
ثم كتب المنصور إلى نائب أبى مسلم على أمواله و حواصله بكتاب على لسان أبى مسلم أن يقدم بجميع ما عنده من الحواصل و الذخائر و الأموال و الجواهر، و ختم الكتاب بخاتم أبى مسلم بكماله، مطبوعا بكل فص الخاتم، فلما رآه الخازن استراب في الأمر، و قد كان أبو مسلم تقدم إلى
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 72