responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 69

(نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‌ و إن أخاك السفاح ظهر في صورة مهدي و كان ضالا فأمرنى أن أجرد السيف و أقتل بالظنة و أقدم بالشبهة و أرفع الرحمة و لا أقيل العثرة، فوترت أهل الدنيا في طاعتكم، و توطئة سلطانكم، حتى عرفكم اللَّه من كان جهلكم. ثم إن اللَّه سبحانه تداركني منه بالندم و استنقذني بالتوبة، فان يعف عنى و يصفح فإنه كان للأوابين غفورا، و إن يعاقبني فبذنوبي و ما ربك بظلام للعبيد.

فكتب إليه المنصور: أما بعد أيها المجرم العاصي، فان أخى كان إمام هدى يدعوه إلى اللَّه على بينة من ربه، فأوضح لك السبيل، و حملك على المنهج السديد، فلو بأخي اقتديت لما كنت عن الحق حائدا، و عن الشيطان و أوامره صادرا، و لكنه لم يسنح لك أمران إلا كنت لأرشدهما تاركا، و لأغواهما راكبا، تقتل قتل الفراعنة، و تبطش بطش الجبابرة، و تحكم بالجور حكم المفسدين، و تبذر المال و تضعه في غير مواضعه فعل المسرفين، ثم من خبري أيها الفاسق أنى قد وليت موسى ابن كعب خراسان، و أمرته أن يقيم بنيسابور، فان أردت خراسان لقيك بمن معه من قوادي و شيعتي، و أنا موجه للقائك أقرانك، فاجمع كيدك و أمرك غير مسدد و لا موفق، و حسب أمير المؤمنين و من اتبعه اللَّه و نعم الوكيل.

و لم يزل المنصور يراسله تارة بالرغبة و تارة بالرهبة، و يستخف أحلام من حوله من الأمراء و الرسل الذين يبعثهم أبو مسلم إلى المنصور و يعدهم، حتى حسنوا لأبى مسلم في رأيه القدوم عليه سوى أمير معه يقال له نيزك، فإنه لم يوافق على ذلك، فلما رأى أبا مسلم و قد انطاع لهم أنشد عند ذلك البيت المتقدم، و هو:

ما للرجال مع القضاء محالة* * * ذهب القضاء بحيلة الأقوام.

و أشار عليه بأن يقتل المنصور و يستخلف بدله فلم يمكنه ذلك، فإنه لما قدم المدائن تلقاه الأمراء عن أمر الخليفة، فما وصل إلا آخر النهار، و قد أشار أبو أيوب كاتب الرسائل أن لا يقتله يومه هذا كما تقدم [فلما وقف بين يدي الخليفة أكرمه و عظمه و أظهر احترامه، و قال: اذهب الليلة فأذهب عنك وعثاء السفر ثم ائتني من الغد.] [1] فلما كان الغد أرصد له من الأمراء من يقتله، منهم عثمان بن نهيك، و شبيب بن واج، فقتلوه كما تقدم. و يقال بل أقام أياما يظهر له المنصور الاكرام و الاحترام، ثم نشق منه الوحشة فخاف أبو مسلم و استشفع بعيسى بن موسى و استجار به، و قال: إني أخافه على نفسي. فقال: لا بأس عليك فانطلق فانى آت وراءك، أنت في ذمتي حتى آتيك،- و لم يكن مع عيسى خبر بما يريد به الخليفة- فجاء أبو مسلم يستأذن على المنصور فقالوا له: اجلس هاهنا فان أمير المؤمنين يتوضأ، فجلس و هو يودّ أن يطول مجلسه ليجي‌ء عيسى بن موسى فأبطأ، و أذن له الخليفة


[1] زيادة من المصرية.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست