responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 68

(صلى اللَّه عليه و سلم): «من أراد هوان قريش أهانه اللَّه».

و قد كان إبراهيم بن ميمون الصائغ من أصحابه و جلسائه في زمن الدعوة، و كان يعده إذا ظهر أن يقيم الحدود، فلما تمكن أبو مسلم ألح عليه إبراهيم ابن ميمون في القيام بما وعده به حتى أحرجه، فأمر بضرب عنقه، و قال له: لم لا كنت تنكر على نصر بن سيار و هو يعمل أواني الخمر من الذهب فيبعثها إلى بنى أمية؟ فقال له: إن أولئك لم يقربونى من أنفسهم و يعدوني منها ما وعدتني أنت. و قد رأى بعضهم لإبراهيم بن ميمون هذا منازل عالية في الجنة بصبره على الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر، فإنه كان آمرا ناهيا قائما في ذلك، فقتله أبو مسلم (رحمه اللَّه).

و قد ذكرنا طاعة أبى مسلم للسفاح و اعتناءه بأمره و امتثال مراسيمه، فلما صار الأمر إلى المنصور استخف به و احتقره، و مع هذا بعثه المنصور إلى عمه عبد اللَّه إلى الشام فكسره و استنقذ منه الشام و ردها إلى حكم المنصور. ثم شمخت نفسه على المنصور و هم بقتله، ففطن لذلك المنصور مع ما كان مبطنا له من البغضة، و قد سأل أخاه السفاح غير مرة أن يقتله كما تقدم ذلك فأبى عليه، فلما تولى المنصور ما زال بما كره و يخادعه حتى قدم عليه فقتله. قال بعضهم: كتب المنصور إلى أبى مسلم أما بعد فإنه يرين على القلوب و يطبع عليها المعاصي، فع أيها الطائش، و أفق أيها السكران، و انتبه أيها النائم، فإنك مغرور بأضغاث أحلام كاذبة، في برزخ دنيا قد غرت من كان قبلك وسم بها سوالف القرون (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا) و إن اللَّه لا يعجزه من هرب، و لا يفوته من طلب، فلا تغتر بمن معك من شيعتي و أهل دعوتي، فكأنهم قد صالوا عليك بعد أن صالوا معك، إن أنت خلعت الطاعة و فارقت الجماعة و بدا لك من اللَّه ما لم تكن تحتسب، مهلا مهلا، احذر البغي أبا مسلم فإنه من بغى و اعتدى تخلى اللَّه عنه، و نصر عليه من يصرعه لليدين و الفم، و احذر أن تكون سنة في الذين قد خلوا من قبلك، و مثلة لمن يأتى بعدك، فقد قامت الحجة و أعذرت إليك و إلى أهل طاعتي فيك. قال تعالى‌ وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ‌ فأجابه أبو مسلم: أما بعد فقد قرأت كتابك فرأيتك فيه للصواب مجانبا، و عن الحق حائدا إذ تضرب فيه الأمثال على غير أشكالها، و كتبت إلى فيه آيات منزلة من اللَّه للكافرين، و ما يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون، و إنني و اللَّه ما انسلخت من آيات اللَّه، و لكنني يا عبد اللَّه بن محمد كنت رجلا متأولا فيكم من القرآن آيات أوجبت لكم بها الولاية و الطاعة، فأتممت بأخوين لك من قبلك ثم بك من بعدهما، فكنت لهما شيعة متديّنا أحسبنى هاديا مهتديا، و أخطأت في التأويل و قدما أخطأ المتأولون، و قد قال تعالى‌ وَ إِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى‌)

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست