responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 66

و يستريح لنفسه. و استأذنت المنصور له أن يذهب إلى أبى مسلم فأذن له، و قال له: سلم عليه و قل له: إنا بالاشواق إليه. فسار ذلك الرجل- و هو سلمة بن فلان- [1] إلى أبى مسلم فأخبره باشتياق الخليفة إليه، فسره ذلك و انشرح، و إنما هو غرور و مكر به، فلما سمع أبو مسلم بذلك عجل السير إلى منيته، فلما قرب من المدائن أمر الخليفة القواد و الأمراء أن يتلقوه، و كان دخوله على المنصور من آخر ذلك اليوم، و قد أشار أبو أيوب على المنصور أن يؤخر قتله في ساعته هذه إلى الغد، فقبل ذلك منه. فلما دخل أبو مسلم على المنصور من العشي أظهر له الكرامة و التعظيم، ثم قال: اذهب فأرح نفسك و ادخل الحمام، فإذا كان الغد فأتنى. فخرج من عنده و جاءه الناس يسلمون عليه، فلما كان الغد طلب الخليفة بعض الأمراء فقال له: كيف بلائي عندك؟ فقال: و اللَّه يا أمير المؤمنين لو أمرتنى أن أقتل نفسي لقتلتها. قال: فكيف بك لو أمرتك بقتل أبى مسلم؟ قال: فوجم ساعة ثم قال له أبو أيوب: مالك لا تتكلم؟ فقال قولة ضعيفة: أقتله. ثم اختار له من عيون الحرس أربعة فحرضهم على قتله، و قال لهم: كونوا من وراء الرواق فإذا صفقت بيدي فاخرجوا عليه فاقتلوه. ثم أرسل المنصور إلى أبى مسلم رسلا تترى يتبع بعضها بعضا، فأقبل أبو مسلم فدخل دار الخلافة ثم دخل على الخليفة و هو يبتسم، فلما وقف بين يديه جعل المنصور يعاتبه في الّذي صنع واحدة واحدة، فيعتذر عن ذلك كله. ثم قال: يا أمير المؤمنين أرجو أن تكون نفسك قد طابت عليّ. فقال المنصور: أما و اللَّه ما زادني هذا إلا غيظا عليك. ثم ضرب بإحدى يديه على الأخرى فخرج عثمان و أصحابه فضربوه بالسيوف حتى قتلوه و لفوه في عباءة ثم أمر بإلقائه في دجلة، و كان آخر العهد به، و كان مقتله في يوم الأربعاء لأربع بقين من شعبان سنة سبع و ثلاثين و مائة.

و كان من جملة ما عاتبه به المنصور ان قال: كتبت إلى مرات تبدأ بنفسك، و أرسلت تخطب عمتي أمينة، و تزعم أنك ابن سليط بن عبد اللَّه بن عباس إلى غير ذلك. فقال أبو مسلم: يا أمير المؤمنين لا يقال لي هذا و قد سعيت في أمركم بما علمه كل أحد. فقال: ويلك! لو قامت في ذلك أمة سوداء لأتمه اللَّه لجدنا و حيطتنا. ثم قال: و اللَّه لأقتلنك. فقال: استبقني يا أمير المؤمنين لأعدائك.

فقال: و أي عدو لي أعدى منك. ثم أمر بقتله كما تقدم: فقال له بعض الأمراء: يا أمير المؤمنين الآن صرت خليفة. و يقال إن المنصور أنشد عند ذلك:

فألقت عصاها و استقر بها النوى‌* * * كما قرّ عينا بالإياب المسافر

و ذكر ابن خلكان أن المنصور لما أراد قتل أبى مسلم تحير في أمره هل يستشير أحدا في ذلك أو يستبد هو به لئلا يشيع و ينشر، ثم استشار واحدا من نصحاء أصحابه فقال: يا أمير المؤمنين‌


[1] كذا بالأصلين. و في الطبري: سلمة بن سعيد بن جابر.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست