responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 65

أنه يريد رفع قدرك و علو منزلتك و الإطلاقات لك، فان جاء بهذا فذاك، و إن أبى فقل هو بري‌ء من العباس إن شققت العصا و ذهبت على وجهك ليدركنك بنفسه و ليقاتلنك دون غيره، و لو خضت البحر الخضم لخاضه خلفك حتى يدركك فيقتلك أو يموت قبل ذلك. و لا تقل له هذا حتى تيأس من رجوعه بالتي هي أحسن. فلما قدم عليه أمراء المنصور بحلوان دخلوا عليه و لاموه فيما همّ به من منابذة أمير المؤمنين، و ما هو فيه من مخالفته، و رغّبوه في الرجوع إلى الطاعة، فشاور ذوى الرأى من أمرائه فكلهم نهاه عن الرجوع إليه، و أشاروا بأن يقيم في الري فتكون خراسان تحت حكمه، و جنوده طوعا له، فان استقام له الخليفة و إلا كان في عزو منعة من الجند. فعند ذلك أرسل أبو مسلم إلى أمراء المنصور فقال لهم: ارجعوا إلى صاحبكم فلست ألقاه. فلما استيأسوا منه قالوا له ذلك الكلام الّذي كان المنصور أمرهم به. فلما سمع ذلك كسره جدا و قال قوموا عنى الساعة.

و كان أبو مسلم قد استخلف على خراسان أبا داود إبراهيم بن خالد، فكتب إليه المنصور في غيبة أبى مسلم حين اتهم: إن ولاية خراسان لك ما بقيت، فقد وليتكها و عزلت عنها أبا مسلم. فعند ذلك كتب أبو داود إلى أبى مسلم حين بلغه ما عليه من منابذة الخليفة: إنه ليس يليق بنا منابذة خلفاء أهل بيت رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم)، فارجع إلى إمامك سامعا مطيعا و السلام. فزاده ذلك كسرا أيضا فبعث إليهم أبو مسلم: إني سأبعث إليه أبا إسحاق و هو ممن أثق به. فبعث أبا إسحاق إلى المنصور فأكرمه و وعده بنيابة العراق إن هو رده. فلما رجع إليه أبو إسحاق قال له: ما وراءك؟ قال:

رأيتهم معظمين لك يعرفون قدرك. فغره ذلك و عزم على الذهاب إلى الخليفة، فاستشار أميرا يقال له نيزك، فنهاه، فصمم على الذهاب، فلما رآه نيزك عازما على الذهاب تمثل بقول الشاعر:

ما للرجال مع القضاء محالة* * * ذهب القضاء بحيلة الأقوام‌

ثم قال له: احفظ عنى واحدة. قال: و ما هي؟ قال: إذا دخلت عليه فأقتله ثم بايع من شئت بالخلافة فان الناس لا يخالفونك. و كتب أبو مسلم إلى المنصور يعلمه بقدومه عليه. قال أبو أيوب كاتب الرسائل: فدخلت على المنصور و هو جالس في خباء شعر جالس في مصلاه بعد العصر، و بين يديه كتاب فألقاه إليّ فإذا هو كتاب أبى مسلم يعلمه بالقدوم عليه، ثم قال الخليفة: و اللَّه لئن ملأت عيني منه لأقتلنه. قال أبو أيوب: فقلت إنا للَّه و إنا إليه راجعون. و بت تلك الليلة لا يأتينى نوم، أفكر في هذه الواقعة، و قلت: إن دخل أبو مسلم خائفا ربما يبدو منه شر إلى الخليفة، و المصلحة تقتضي أن يدخل آمنا ليتمكن منه الخليفة. فلما أصبحت طلبت رجلا من الأمراء و قلت له: هل لك أن تتولى مدينة كسكر فإنها مغلة في هذه السنة؟ فقال: و من لي بذلك؟ فقلت له: فاذهب إلى أبى مسلم فتلقاه في الطريق فاطلب منه أن يوليك تلك البلد، فان أمير المؤمنين يريد أن يوليه ما وراء بابه‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 65
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست