نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 59
المصحف. قال: فأشفق عليه الحاضرون أن يعجل السفاح عليه بشيء أو يترك جوابه فيبقى ذلك مسبة عليه و عليهم. فأقبل السفاح عليه غير مغضب و لا منزعج، فقال: إن جدك عليا كان خيرا منى و أعدل، و قد ولى هذا الأمر فأعطى جديك الحسن و الحسين و كانا خيرا منك، شيئا قد أعطيتك و زدتك عليه، فما كان هذا جزائي منك. قال: فما رد عليه عبد اللَّه بن حسن جوابا، و تعجب الناس من سرعة جوابه وجدته و جودته على البديهة.
و قد قال الإمام أحمد في مسندة: حدثنا عثمان بن أبى شيبة ثنا جرير عن الأعمش عن عطية العوفيّ عن أبى سعيد الخدريّ. قال قال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم): «يخرج عند انقطاع من الزمان و ظهور من الفتن رجل يقال له السفاح، يكون إعطاؤه المال حيثا». و كذا رواه زائدة و أبو معاوية عن الأعمش به.
و هذا الحديث في إسناده عطية العوفيّ و قد تكلموا فيه. و في أن المراد بهذا الحديث هذا السفاح نظر و اللَّه أعلم. و قد ذكرنا فيما تقدم عند زوال دولة بنى أمية أخبارا و آثارا في مثل هذا المعنى. و قال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن سلمة بن محمد بن هشام أخبرنى محمد بن عبد الرحمن المخزومي حدثني داود بن عيسى عن أبيه عن محمد بن على بن عبد اللَّه بن عباس- و هو والد السفاح- قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز و عنده رجل من النصارى فقال له عمر: من تجدون الخليفة بعد سليمان؟ قال له: أنت. فأقبل عمر بن عبد العزيز عليه فقال له: زدني من بيانك. فقال ثم آخر، إلى أن ذكر خلافة بنى أمية إلى آخرها. قال محمد بن على: فلما كان بعد ذلك جعلت ذلك النصراني في بالي فرأيته يوما فأمرت غلامي أن يحبسه على، و ذهبت إلى منزلي فسألته عما يكون في خلفاء بنى أمية فذكرهم واحدا واحدا، و تجاوز عن مروان بن محمد. قلت: ثم من؟ قال: ثم ابن الحارثية، و هو ابنك.
قال: و كان ابني ابن الحارثية إذ ذاك حملا. قال و وفد أهل المدينة على السفاح فبادروا إلى تقبيل يده غيره عمران بن إبراهيم بن عبد اللَّه بن مطيع العدوي، فإنه لم يقبل يده، و إنما حياه بالخلافة فقط.
و قال: و اللَّه يا أمير المؤمنين لو كان تقبيلها يزيدك رفعة و يزيدني وسيلة إليك ما سبقني إليها أحد من هؤلاء، و إني لغني عمالا أجر فيه، و ربما قادنا عمله إلى الوزر ثم جلس. قال: فو اللَّه ما نقصه ذلك عنده حظا من حظ أصحابه، بل أحبه و زاده. و ذكر القاضي المعافى بن زكريا أن السفاح بعث رجلا ينادى في عسكر مروان بهذين البيتين ليلا ثم رجع:
يا آل مروان إن اللَّه مهلككم* * * و مبدل أمنكم خوفا و تشريدا
لا عمّر اللَّه من أنسالكم أحدا* * * و بثكم في بلاد الخوف تطريدا
و روى الخطيب البغدادي أن السفاح نظر يوما في المرآة- و كان من أجمل الناس وجها- فقال:
اللَّهمّ لا أقول كما قال سليمان بن عبد الملك: أنا الخليفة الشاب، و لكن أقول: اللَّهمّ عمرني طويلا في
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 59