responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 4

عمه ثم ركب من فوره من البرية و قصد دمشق، و استعمل العمال و جاءته البيعة من الآفاق، و جاءته الوفود، و كتب إليه مروان بن محمد- و هو إذ ذاك نائب أرمينية- يبارك له في خلافة اللَّه له على عباده و التمكين في بلاده، و يهنئه بموت هشام و ظفره به، و التحكم في أمواله و حواصله، و يذكر له أنه جدد البيعة له في بلاده، و أنهم فرحوا و استبشروا بذلك، و لو لا خوفه من الثغر لاستناب عليه و ركب بنفسه شوقا إلى رؤيته، و رغبة في مشافهته، ثم إن الوليد سار في الناس سيرة حسنة بادى الرأى و أمر بإعطاء الزمنى و المجذومين و العميان لكل إنسان خادما، و أخرج من بيت المال الطيب و التحف لعيالات المسلمين، و زاد في أعطيات الناس، و لا سيما أهل الشام و الوفود، و كان كريما ممدحا شاعرا مجيدا، لا يسأل شيئا قط فيقول لا، و من شعره قوله يمدح نفسه بالكرم:

ضمنت لكم إن لم تعقنى عوائق‌* * * بان سماء الضر عنكم ستقلع‌

سيوشك الحاق معا و زيادة* * * و أعطية منى إليكم تبرّع‌

محرّمكم ديوانكم و عطاؤكم‌* * * به يكتب الكتّاب شهرا و تطبع‌

و في هذه السنة عقد الوليد البيعة لابنه الحكم ثم عثمان، على أن يكونا وليي العهد من بعده، و بعث البيعة إلى يوسف بن عمر أمير العراق و خراسان، فأرسلها إلى نائب خراسان نصر بن سيار، فخطب بذلك نصر خطبة عظيمة بليغة طويلة، ساقها ابن جرير بكمالها، و استوثق للوليد الممالك في المشارق و المغارب، و أخذت البيعة لولديه من بعده في الآفاق، و كتب الوليد إلى نصر بن سيار بالاستقلال بولاية خراسان، ثم وفد يوسف بن عمر على الوليد فسأله أن يرد إليه ولاية خراسان فردها إليه كما كانت في أيام هشام، و أن يكون نصر بن سيار و نوابه من تحت يده، فكتب عند ذلك يوسف بن عمر إلى نصر بن سيار يستوفده إلى أمير المؤمنين بأهله و عياله، و أن يكثر من استصحاب الهدايا و التحف.

فحمل نصر بن سيار ألف مملوك على الخيل، و ألف وصيفة و شيئا كثيرا من أباريق الفضة و الذهب، و غير ذلك من التحف، و كتب إليه الوليد يستحثه سريعا و يطلب منه أن يحمل معه طنابير و برابط و مغنيات و بازات و براذين فره، و غير ذلك من آلات الطرب و الفسق، فكره الناس ذلك منه و كرهوه. و قال المنجمون لنصر بن سيار: إن الفتنة قريبا ستقع بالشام، فجعل يتثاقل في سيره، فلما أن كان ببعض الطريق جاءته البرد فأخبروه بأن الخليفة الوليد قد قتل و هاجت الفتنة العظيمة في الناس بالشام، فعدل بما معه إلى بعض المدن فأقام بها، و بلغه أن يوسف بن عمر قد هرب من العراق و اضطربت الأمور، و ذلك بسبب قتل الخليفة على ما سنذكره، و باللَّه المستعان.

و في هذه السنة ولى الوليد يوسف بن محمد بن يوسف الثقفي ولاية المدينة و مكة و الطائف، و أمره أن يقيم إبراهيم و محمدا ابني هشام بن إسماعيل المخزومي بالمدينة مهانين لكونهما خالي هشام، ثم يبعث‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 4
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست