responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 36

بأيدينا، و يشف صدور قوم مؤمنين، يا أهل المدينة أولكم خير أول، و آخركم شر آخر، يا أهل المدينة الناس منا و نحن منهم، إلا مشركا عابد وثن أو كافرا أهل كتاب، أو إماما جائرا. يا أهل المدينة من زعم أن اللَّه يكلف نفسا فوق طاقتها، و يسألها ما لم يؤتها، فهو للَّه عدو، و أنا له حرب.

يا أهل المدينة أخبرونى عن ثمانية أسهم فرضها اللَّه في كتابه على القوى و الضعيف، فجاء تاسع ليس له منها و لا سهم واحد، فأخذها لنفسه، مكابرا محاربا لربه، يا أهل المدينة بلغني أنكم تنتقصون أصحابى قلتم شباب أحداث، و أعراب جفاة أجلاف، ويحكم فهل كان أصحاب رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) إلا شبابا أحداثا، شبابا و اللَّه مكتهلون في شبابهم، غضة عن الشر أعينهم، ثقيلة عن السعي في الباطل أقدامهم، قد باعوا للَّه أنفسا تموت بأنفس لا تموت، قد خالطوا كلالهم بكلالهم، و قيام ليلهم بصيام نهارهم، منحنية أصلابهم على أجزاء القرآن، كلما مروا بآية خوف شهقوا خوفا من النار، و إذا مروا بآية شوق شهقوا شوقا إلى الجنة. فلما نظروا إلى السيوف قد انتضيت، و إلى الرماح قد شرعت، و إلى السهام قد فوقت، و أرعدت الكتيبة بصواعق الموت، استخفوا و اللَّه وعيد الكتيبة لوعيد اللَّه في القرآن، و لم يستخفوا وعيد اللَّه لوعيد الكتيبة، فطوبى لهم و حسن مآب، فكم من عين في مناقير الطير طال ما فاضت في جوف الليل من خشية اللَّه، و طال ما بكت خالية من خوف اللَّه، و كم من يد زالت عن مفصلها طال ما ضربت في سبيل اللَّه و جاهدت أعداء اللَّه. و طال ما اعتمد بها صاحبها في طاعة اللَّه. أقول قولي هذا و أستغفر اللَّه من تقصيري، و ما توفيقي إلا باللَّه.

ثم روى المدائني عن العباس عن هارون عن جده قال: كان أبو حمزة الخارجي قد أحسن السيرة في أهل المدينة فمالوا إليه حتى سمعوه [يقول‌] برح الخفاء أين عن بابك نذهب [ثم قال‌] من زنا فهو كافر، و من سرق فهو كافر، فعند ذلك أبغضوه و رجعوا عن محبته. و أقام بالمدينة حتى بعث مروان الحمار عبد الملك بن محمد بن عطية أحد بنى سعد في خيل أهل الشام أربعة آلاف، قد انتخبها مروان من جيشه، و أعطى كل رجل منهم مائة دينار و فرسا عربية، و بغلا لثقله، و أمره أن يقاتله و لا يرجع عنه، و لو لم يلحقه إلا باليمن فليتبعه إليها، و ليقاتل نائب صنعاء عبد اللَّه بن يحيى.

فسار ابن عطية حتى بلغ وادي القرى فتلقاه أبو حمزة الخارجي قاصدا قتال مروان بالشام، فاقتتلوا هنالك إلى الليل، فقال له: ويحك يا ابن عطية! إن اللَّه قد جعل الليل سكنا فأخر إلى غد، فأبى عليه أن يقلع عن قتاله، فما زال يقاتلهم حتى كسرهم فولوا و رجع فلهم إلى المدينة، فنهض إليهم أهل المدينة فقتلوا منهم خلقا كثيرا، و دخل ابن عطية المدينة، و قد انهزم جيش أبى حمزة عنها، فيقال إنه أقام بها شهرا ثم استخلف عليها، ثم استخلف على مكة و سار إلى اليمن فخرج إليه عبد اللَّه ابن يحيى نائب صنعاء، فاقتتلا فقتله ابن عطية و بعث برأسه إلى مروان و جاء كتاب مروان إليه‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست