responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 353

فقال: على م انتصب رجلا؟ فقلت: لأنه معمول المصدر بمصابكم فأخذ اليزيدي يعارضه فعلاه المازني بالحجة فأطلق له الخليفة ألف دينار و رده إلى أهله مكرما. فعوضه اللَّه عن المائة الدينار- لما تركها للَّه سبحانه و لم يمكن الّذي من قراءة الكتاب لأجل ما فيه من القرآن- ألف دينار عشرة أمثالها. روى المبرد عنه قال: أقرأت رجلا كتاب سيبويه إلى آخره، فلما انتهى إلى آخره قال لي: أما أنت أيها الشيخ فجزاك اللَّه خيرا، و أما أنا فو اللَّه ما فهمت منه حرفا. توفى المازني في هذه السنة و قيل في سنة ثمان و أربعين.

ثم دخلت سنة ثمان و أربعين و مائتين‌

فيها أغزى المنتصر وصيفا التركي الصائفة لقتال الروم، و ذلك أن ملك الروم قصد بلاد الشام، فعند ذلك جهز المنتصر وصيفا و جهز معه نفقات و عددا كثيرة، و أمره إذا فرغ من قتال الروم أن يقيم بالثغر أربع سنين، و كتب له إلى محمد بن عبد اللَّه بن طاهر نائب العراق كتابا عظيما فيه آيات كثيرة في التحريض للناس على القتال و الترغيب فيه. و في ليلة السبت لسبع بقين من صفر خلع أبو عبد اللَّه المعتز و المؤيد إبراهيم أنفسهما من الخلافة، و أشهدا عليهما بذلك، و أنهما عاجزان عن الخلافة، و المسلمين في حل من بيعتهما، و ذلك بعد ما تهددهما أخوهما المنتصر و توعدهما بالقتل إن لم يفعلا ذلك، و مقصودة تولية ابنه عبد الوهاب بإشارة أمراء الأتراك بذلك. و خطب بذلك على رءوس الأشهاد بحضرة القواد و القضاة و أعيان الناس و العوام، و كتب بذلك إلى الآفاق ليعلموا بذلك و يخطبوا له بذلك على المنابر، و يتوالى على محال الكتابة، و اللَّه غالب على أمره، فأراد أن يسلبهما الملك و يجعله في ولده، و الأقدار تكذبه و تخالفه، و ذلك أنه لم يستكمل بعد قتل أبيه سوى ستة أشهر، ففي أواخر صفر من هذه السنة عرضت له علة كان فيها حتفه، و قد كان المنتصر رأى في منامه كأنه يصعد سلما فبلغ إلى آخر خمس و عشرين درجة. فقصّها على بعض المعبرين فقال: تلى خمسا و عشرين سنة الخلافة، و إذا هي مدة عمره قد استكملها في هذه السنة. و قال بعضهم: دخلنا عليه يوما فإذا هو يبكى و ينتحب شديدا، فسأله بعض أصحابه عن بكائه فقال: رأيت أبى المتوكل في منامي هذا و هو يقول: ويلك يا محمد قتلتني و ظلمتني و غصبتني خلافتي، و اللَّه لا أمتعت بها بعدي إلا أياما يسيرة ثم مصيرك إلى النار. قال: فما أملك عيني و لا جزعي. فقال له أصحابه من الغرارين الذين يغزون الناس و يفتنونهم: هذه رؤيا و هي تصدق و تكذب، قم بنا إلى الشراب ليذهب همك و حزنك. فأمر بالشراب فأحضر و جاء ندماؤه فأخذه في الخمر و هو منكسر الهمة، و ما زال كذلك مكسورا حتى مات.

و قد اختلفوا في علته التي كان فيها هلاكه، فقيل داء في رأسه فقطر في أذنه دهن فلما وصل‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست