نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 352
و دفن بالجعفرية و له من العمر أربعون سنة، و كانت مدة خلافته أربع عشرة سنة و عشرة أشهر و ثلاثة أيام. و كان أسمر حسن العينين نحيف الجسم خفيف العارضين أقرب إلى القصر و اللَّه سبحانه اعلم.
خلافة محمد المنتصر بن المتوكل
قد تقدم أنه تمالأ هو و جماعة من الأمراء على قتل أبيه، و حين قتل بويع له بالخلافة في الليل، فلما كان الصباح من يوم الأربعاء رابع شوال أخذت له البيعة من العامة و بعث إلى أخيه المعتز فأحضره إليه فبايعه المعتز، و قد كان المعتز هو ولى العهد من بعد أبيه، و لكنه أكرهه و خاف فسلم و بايع. فلما أخذت البيعة له كان أول ما تكلم به أنه اتهم الفتح بن خاقان على قتل أبيه، و قتل الفتح أيضا، ثم بعث البيعة له إلى الآفاق. و في ثانى يوم من خلافته ولى المظالم لأبى عمرة أحمد ابن سعيد مولى بنى هاشم فقال الشاعر:
يا ضيعة الإسلام لما ولى* * * مظالم الناس أبو عمره
صيّر مأمونا على أمة* * * و ليس مأمونا على بعرة
و كانت البيعة له بالمتوكلية، و هي الماحوزة، فأقام بها عشرة أيام ثم تحول هو و جميع قوّاده و حشمه منها إلى سامرا. و فيها في ذي الحجة أخرج المنتصر عمه على بن المعتصم من سامرا إلى بغداد و وكل به. و حج بالناس محمد بن سليمان الزينبي.
و فيها توفى من الأعيان
إبراهيم بن سعيد الجوهري.
و سفيان بن وكيع بن الجراح، و سلمة بن شبيب.
و أبو عثمان المازني النحويّ
و اسمه بكر بن محمد بن عثمان البصري شيخ النحاة في زمانه، أخذه عن أبى عبيدة و الأصمعي و أبى زيد الأنصاري و غيرهم، و أخذ عنه أبو العباس المبرد و أكثر عنه، و للمازنى مصنفات كثيرة في هذا الشأن. و كان شبيها بالفقهاء ورعا زاهدا ثقة مأمونا. روى عنه المبرد أن رجلا من أهل الذمة طلب منه أن يقرأ عليه كتاب سيبويه و يعطيه مائة دينار فامتنع من ذلك. فلامه بعض الناس في ذلك فقال: إنما تركت أخذ الأجرة عليه لما فيه من آيات اللَّه تعالى. فاتفق بعد هذا أن جارية غنت بحضرة الواثق:
أ ظلوم إن مصابكم رجلا* * * رد السلام تحية ظلم
فاختلف من بحضرة الواثق في إعراب هذا البيت، و هل يكون رجلا مرفوعا أو منصوبا، و بم نصب؟ أ هو اسم أو ما ذا؟ و أصرت الجارية على أن المازني حفظها هذا هكذا. قال فأرسل الخليفة إليه، فلما مثل بين يديه قال له: أنت المازني؟ قال: نعم. قال من مازن تميم أم من مازن ربيعة أم مازن قيس؟ فقلت من مازن ربيعة. فأخذ يكلمني بلغني، فقال: باسمك؟ و هم يقلبون الباء ميما و الميم باء، فكرهت أن أقول مكر فقلت: بكر، فأعجبه إعراضي عن المكر إلى البكر، و عرف ما أردت.
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 352