responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 349

الغروب ثم قال لي: كن هكذا لا ترد على اللَّه شيئا، و لا تدخر عنه شيئا.

و لما جاءت المحنة في زمن المأمون إلى دمشق بخلق القرآن عين فيها أحمد بن أبى الحواري و هشام ابن عمار، و سليمان بن عبد الرحمن، و عبد اللَّه بن ذكوان، فكلهم أجابوا إلا ابن أبى الحواري فحبس بدار الحجارة، ثم هدد فأجاب تورية مكرها، ثم أطلق (رحمه اللَّه). و قد قام ليلة بالثغر يكرر هذه الآية إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‌ حتى أصبح. و قد ألقى كتبه في البحر و قال: نعم الدليل كنت لي على اللَّه و إليه، و لكن الاشتغال بالدليل بعد معرفة المدلول عليه و الوصول إليه محال. و من كلامه لا دليل على اللَّه سواه، و إنما يطلب العلم لآداب الخدمة. و قال: من عرف الدنيا زهد فيها، و من عرف الآخرة رغب فيها، و من عرف اللَّه آثر رضاه. و قال: من نظر إلى الدنيا نظر إرادة و حب لها أخرج اللَّه نور اليقين و الزهد من قلبه. و قال: قلت لأبى سليمان في ابتداء أمرى: أوصني، فقال: أ تستوص أنت؟ فقلت نعم إن شاء اللَّه تعالى. فقال: خالف نفسك في كل مراداتها فإنها الأمارة بالسوء، و إياك أن تحقر إخوانك المسلمين، و اجعل طاعة اللَّه دثارا، و الخوف منه شعارا، و الإخلاص له زادا، و الصدق حسنة، و اقبل منى هذه الكلمة الواحدة و لا تفارقها و لا تغفل عنها:

من استحيى من اللَّه في كل أوقاته و أحواله و أفعاله، بلغه اللَّه إلى مقام الأولياء من عباده. قال فجعلت هذه الكلمات أمامى في كل وقت أذكرها و أطالب نفسي بها. و الصحيح أنه توفى في هذه السنة، و قيل في سنة ثلاثين و مائتين، و قيل غير ذلك فاللَّه أعلم.

ثم دخلت سنة سبع و أربعين و مائتين‌

في شوال منها كان مقتل الخليفة المتوكل على اللَّه على يد ولده المنتصر، و كان سبب ذلك أنه أمر ابنه عبد اللَّه المعتز الّذي هو ولى العهد من بعده أن يخطب بالناس في يوم جمعة، فأدّاها أداء عظيما بليغا، فبلغ ذلك من المنتصر كل مبلغ، و حنق على أبيه و أخيه، فأحضره أبوه و أهانه و أمر بضربه في رأسه و صفعه، و صرح بعزله عن ولاية العهد من بعد أخيه، فاشتد أيضا حنقه أكثر مما كان. فلما كان يوم عيد الفطر خطب المتوكل بالناس و عنده بعض ضعف من علة به، ثم عدل إلى خيام قد ضربت له أربعة أميال في مثلها، فنزل هناك ثم استدعى في يوم ثالث شوال بند مائه على عادته في سمره و حضرته، و شربه، ثم تمالأ ولده المنتصر و جماعة من الأمراء على الفتك به فدخلوا عليه ليلة الأربعاء لأربع خلون من شوال، و يقال من شعبان من هذه السنة، و هو على السماط فابتدروه بالسيوف فقتلوه ثم ولوا بعده ولده المنتصر.

و هذه ترجمة المتوكل على اللَّه‌

جعفر بن المعتصم بن الرشيد بن محمد المهدي بن المنصور العباسي، و أم المتوكل أم ولد يقال لها

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست