responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 332

إلى الباطل، و زينوا له القول بخلق القرآن و نفى الصفات عن اللَّه عز و جل. قال البيهقي: و لم يكن في الخلفاء قبله من بنى أمية و بنى العباس خليفة الأعلى مذهب السلف و منهاجهم، فلما ولى هو الخلافة اجتمع به هؤلاء فحملوه على ذلك و زينوا له، و اتفق خروجه إلى طرسوس لغزو الروم فكتب إلى نائبة ببغداد إسحاق بن إبراهيم بن مصعب يأمره أن يدعو الناس إلى القول بخلق القرآن، و اتفق له ذلك آخر عمره قبل موته بشهور من سنة ثماني عشرة و مائتين. فلما وصل الكتاب كما ذكرنا استدعى جماعة من أئمة الحديث فدعاهم إلى ذلك فامتنعوا، فتهددهم بالضرب و قطع الأرزاق فأجاب أكثرهم مكرهين: و استمر على الامتناع من ذلك الامام أحمد بن حنبل، و محمد بن نوح الجنديسابوري، فحملا على بعير و سيرا إلى الخليفة عن أمره بذلك، و هما مقيدان متعادلان في محمل على بعير واحد فلما كانا ببلاد الرحبة جاءهما رجل من الأعراب من عبادهم يقال له جابر بن عامر، فسلم على الامام أحمد و قال له: يا هذا إنك وافد الناس فلا تكن شؤما عليهم، و إنك رأس الناس اليوم فإياك أن تجيبهم إلى ما يدعونك إليه فيجيبوا، فتحمل أوزارهم يوم القيامة، و إن كنت تحب اللَّه فاصبر على ما أنت فيه، فإنه ما بينك و بين الجنة إلا أن تقتل، و إنك إن لم تقتل تمت، و إن عشت عشت حميدا. قال: أحمد: و كان كلامه مما قوى عزمي على ما أنا فيه من الامتناع من ذلك الّذي يدعونني إليه. فلما اقتربا من جيش الخليفة و نزلوا دونه بمرحلة جاء خادم و هو يمسح دموعه بطرف ثوبه و يقول: يعز على يا أبا عبد اللَّه إن المأمون قد سل سيفا لم يسله قبل ذلك، و أنه يقسم بقرابته من رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) لئن لم تجبه إلى القول بخلق القرآن ليقتلنك بذلك السيف. قال: فجثى الامام أحمد على ركبتيه و رمق بطرفه إلى السماء و قال: سيدي غر حلمك هذا الفاجر حتى تجرأ على أوليائك بالضرب و القتل، اللَّهمّ فان يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤنته. قال: فجاءهم الصريخ بموت المأمون في الثلث الأخير من الليل. قال أحمد: ففرحنا، ثم جاء الخبر بأن المعتصم قد ولى الخلافة و قد انضم إليه أحمد بن أبى دؤاد، و أن الأمر شديد، فردونا إلى بغداد في سفينة مع بعض الأسارى، و نالني منهم أذى كثير، و كان في رجليه القيود، و مات صاحبه محمد بن نوح في الطريق و صلى عليه أحمد، فلما رجع أحمد إلى بغداد دخلها في رمضان، فأودع في السجن نحوا من ثمانية و عشرين شهرا، و قيل نيفا و ثلاثين شهرا، ثم أخرج إلى الضرب بين يدي المعتصم. و قد كان أحمد و هو في السجن هو الّذي يصلى في أهل السجن و القيود في رجليه.

ذكر ضربه رضى اللَّه عنه بين يدي المعتصم عليه من اللَّه ما يستحقه‌

لما أحضره المعتصم من السجن زاد في قيوده، قال أحمد: فلم أستطع أن أمشى بها فربطتها في‌

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 332
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست