responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 328

قال: ما رآه المسلمون حسنا فهو عند اللَّه حسن، و ما رأوه سيئا فهو عند اللَّه سيئ. و قد رأى الصحابة جميعا أن يستخلفوا أبا بكر رضى اللَّه عنه إسناد صحيح. قلت: و هذا الأثر فيه حكاية إجماع عن الصحابة في تقديم الصديق. و الأمر كما قاله ابن مسعود، و قد نص على ذلك غير واحد من الأئمة.

و قد قال أحمد حين اجتاز بحمص و قد حمل إلى المأمون في زمن المحنة و دخل عليه عمرو بن عثمان الحمصي فقال له: ما تقول في الخلافة؟ فقال: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم على، و من قدم عليا على عثمان فقد أزرى بأصحاب الشورى لأنهم قدموا عثمان رضى اللَّه عنه.

فصل في ورعه و تقشفه و زهده (رحمه اللَّه) و رضى عنه‌

روى البيهقي من طريق المزني عن الشافعيّ أنه قال للرشيد: إن اليمن يحتاج إلى قاض، فقال له: اختر رجلا نوله إياها. فقال الشافعيّ لأحمد بن حنبل و هو يتردد إليه في جملة من يأخذ عنه: أ لا تقبل قضاء اليمن؟ فامتنع من ذلك امتناعا شديدا و قال للشافعي: إني إنما أختلف إليك لأجل العلم المزهد في الدنيا، فتأمرني أن ألي القضاء؟ و لو لا العلم لما أكلمك بعد اليوم. فاستحى الشافعيّ منه.

و روى أنه كان لا يصلى خلف عمه إسحاق بن حنبل، و لا خلف بنيه و لا يكلمهم أيضا، لأنهم أخذوا جائزة السلطان. و مكث مرة ثلاثة أيام لا يجد ما يأكله حتى بعث إلى بعض أصحابه فاستقرض منه دقيقا فعرف أهله حاجته إلى الطعام فعجلوا و عجنوا و خبزوا له سريعا فقال: ما هذه العجلة! كيف خبزتم؟ فقالوا: وجدنا تنور بيت صالح مسجورا فخبزنا لك فيه. فقال: ارفعوا، و لم يأكل و أمر بسد بابه إلى دار صالح. قال البيهقي: لأن صالحا أخذه جائزة السلطان، و هو المتوكل على اللَّه. و قال عبد اللَّه ابنه: مكث أبى بالعسكر عند الخليفة ستة عشر يوما لم يأكل فيها إلا ربع مد سويقا، يفطر بعد كل ثلاث ليال على سفة منه حتى رجع إلى بيته، و لم ترجع إليه نفسه إلا بعد ستة أشهر. و قد رأيت موقيه دخلا في حدقتيه. قال البيهقي: و قد كان الخليفة يبعث إليه المائدة فيها أشياء كثيرة من الأنواع و كان أحمد لا يتناول منها شيئا. قال: و بعث المأمون مرة ذهبا يقسم على أصحاب الحديث فما بقي منهم أحد إلا أخذ إلا أحمد بن حنبل فإنه أبى.

و قال سليمان الشاذكوني: حضرت أحمد و قد رهن سطلا له عند فامي باليمن، فلما جاءه بفكاكه أخرج له سطلين فقال: خذ متاعك منهما. فاشتبه عليه أيهما له فقال: أنت في حل منه و من الفكاك، و تركه و ذهب. و حكى ابنه عبد اللَّه قال: كنا في زمن الواثق في ضيق شديد، فكتب رجل إلى أبى: إن عندي أربعة آلاف درهم ورثتها من أبى و ليست صدقة و لا زكاة، فان رأيت أن تقبلها. فامتنع من ذلك، و كرر عليه فأبى، فلما كان بعد حين ذكرنا ذلك فقال أبى: لو كنا قبلناها كانت ذهبت و أكلناها، و عرض عليه بعض التجار عشرة آلاف درهم ربحها من بضاعة جعلها

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 328
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست