responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 306

عليه جدا. و ذكره الامام أحمد بن حنبل يوما فقال: (رحمه اللَّه) ما كان أسخاه بنفسه للَّه، لقد جاد بنفسه له. و قال جعفر بن محمد الصائغ: بصرت عيناي و إلا فقئتا و سمعت أذناى و إلا فصمتا أحمد ابن نصر الخزاعي حين ضربت عنقه يقول رأسه: لا إله إلا اللَّه. و قد سمعه بعض الناس و هو مصلوب على الجذع و رأسه يقرأ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ‌ قال:

فاقشعر جلدي. و رآه بعضهم في النوم فقال له: ما فعل بك ربك؟ فقال: ما كانت إلا غفوة حتى لقيت اللَّه عز و جل فضحك إلى. و رأى بعضهم رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) في المنام و معه أبو بكر و عمر، قد مروا على الجذع الّذي عليه رأس أحمد بن نصر،

فلما جاوزوه أعرض رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) بوجهه الكريم عنه فقيل له: يا رسول اللَّه مالك أعرضت عن أحمد بن نصر فقال: «أعرضت عنه استحياء منه حين قتله رجل يزعم أنه من أهل بيتي».

و لم يزل رأسه منصوبا من يوم الخميس الثامن و العشرين من شعبان من هذه السنة- أعنى سنة إحدى و ثلاثين و مائتين- إلى بعد عيد الفطر بيوم أو يومين من سنة سبع و ثلاثين و مائتين، فجمع بين رأسه و جثته و دفن بالجانب الشرقي من بغداد بالمقبرة المعروفة بالمالكية (رحمه اللَّه). و ذلك بأمر المتوكل على اللَّه الّذي ولى الخلافة بعد أخيه الواثق، و قد دخل عبد العزيز بن يحيى الكتاني- صاحب كتاب الحيدة- على المتوكل و كان من خيار الخلفاء لأنه أحسن الصنيع لأهل السنة، بخلاف أخيه الواثق و أبيه المعتصم و عمه المأمون، فإنهم أساءوا إلى أهل السنة و قربوا أهل البدع و الضلال من المعتزلة و غيرهم، فأمره أن ينزل جثة محمد بن نصر و يدفنه ففعل، و قد كان المتوكل يكرم الإمام أحمد بن حنبل إكراما زائدا جدا كما سيأتي بيانه في موضعه. و المقصود أن عبد العزيز صاحب كتاب الحيدة قال للمتوكل: يا أمير المؤمنين ما رأيت أو ما رئي أعجب من أمر الواثق، قتل أحمد بن نصر و كان لسانه يقرأ القرآن إلى أن دفن. فوجل المتوكل من كلامه و ساءه ما سمع في أخيه الواثق، فلما دخل عليه الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات قال له المتوكل: في قلبي شي‌ء من قتل أحمد بن نصر. فقال:

يا أمير المؤمنين أحرقني اللَّه بالنار إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافرا و دخل عليه هرثمة فقال له في ذلك فقال: قطعني اللَّه إربا إربا إن قتله إلا كافرا. و دخل عليه القاضي أحمد بن أبى داود فقال له مثل ذلك فقال: ضربني اللَّه بالفالج إن قتله الواثق إلا كافرا. قال المتوكل: فأما ابن الزيات فأنا أحرقته بالنار. و أما هرثمة فإنه هرب فاجتاز بقبيلة خزاعة فعرفه رجل من الحي فقال: يا معشر خزاعة هذا الّذي قتل ابن عمكم أحمد بن نصر فقطعوه. فقطعوه إربا إربا. و أما ابن أبى دؤاد فقد سجنه اللَّه في جلده- يعنى بالفالج- ضربه اللَّه قبل موته بأربع سنين، و صودر من صلب ما له بمال جزيل جدا كما سيأتي بيانه في موضعه.

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست