نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 290
و كان عرسا حافلا، وليه المعتصم بنفسه، حتى قيل إنهم كانوا يخضبون لحا العامة بالغالية. و فيها خرج منكجور الأشر و سنى قرابة الأفشين بأرض أذربيجان و خلع الطاعة، و ذلك أن الأفشين كان قد استنابه على بلاد أذربيجان حين فرغ من أمر بابك، فظفر منكجور بمال عظيم مخزون لبابك في بعض البلدان، فأخذه لنفسه و أخفاه عن المعتصم، و ظهر على ذلك رجل يقال له عبد اللَّه بن عبد الرحمن، فكتب إلى الخليفة في ذلك فكتب منكجور يكذبه في ذلك، و هم به ليقتله فامتنع منه بأهل أردبيل. فلما تحقق الخليفة كذب منكجور بعث إليه بغا الكبير فحاربه و أخذه بالأمان و جاء به إلى الخليفة. و فيها مات مناطس الرومي نائب عمّورية، و ذلك أن المعتصم أخذه معه أسيرا فاعتقله بسامراء حتى مات في هذه السنة. و في رمضان
منها مات إبراهيم بن المهدي بن المنصور
عم المعتصم و يعرف بابن شكله، و كان أسود اللون ضخما فصيحا فاضلا، قال ابن ماكولا: و كان يقال له الصيني- يعنى لسواده- و قد كان ترجمه ابن عساكر ترجمة حافلة، و ذكر أنه ولى إمرة دمشق نيابة عن الرشيد أخيه مدة سنتين ثم عزله عنها ثم أعاده إليها الثانية فأقام بها أربع سنين. و ذكر من عدله و صرامته أشياء حسنة، و أنه أقام للناس الحج سنة أربع و ثمانين، ثم عاد إلى دمشق، و لما بويع بالخلافة في أول خلافة المأمون سنة ثنتين و مائتين قاتله الحسن بن سهل نائب بغداد، فهزمه إبراهيم هذا، فقصده حميد الطوسي فهزم إبراهيم و اختفى إبراهيم ببغداد حين قدمها المأمون، ثم ظفر به المأمون فعفا عنه و أكرمه. و كانت مدة ولايته الخلافة سنة و أحد عشر شهرا و اثنا عشر يوما، و كان بدء اختفائه في أواخر ذي الحجة سنة ثلاث و مائتين، فمكث مختفيا ست سنين و أربعة أشهر و عشرا. قال الخطيب: كان إبراهيم بن المهدي هذا وافر الفضل غزير الأدب واسع النفس سخى الكف، و كان معروفا بصناعة الغناء، حاذقا فيها و قد قل المال عليه في أيام خلافته ببغداد فألح الأعراب عليه في أعطياتهم فجعل يسوف بهم. ثم خرج إليهم رسوله يقول: إنه لا مال عنده اليوم، فقال بعضهم: فليخرج الخليفة إلينا فليغن لأهل هذا الجانب ثلاثة أصوات، و لأهل هذا الجانب ثلاثة أصوات. فقال في ذلك دعبل شاعر المأمون يذم إبراهيم بن المهدي:
يا معشر الأعراب لا تغلطوا* * * خذوا عطاياكم و لا تسخطوا
فسوف يعطيكم حنينية* * * لا تدخل الكيس و لا تربط
و المعبديات لقوادكم* * * و ما بهذا أحد يغبط
فهكذا يرزق أصحابه* * * خليفة مصحفة البربط
و كتب إلى ابن أخيه المأمون حين طال عليه الاختفاء: ولىّ الثأر محكم في القصاص و العفو أقرب للتقوى، و قد جعل اللَّه أمير المؤمنين فوق كل عفو، كما جعل كل ذي نسب دونه، فان عفا
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 290