responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 285

و لما أحضر بين يدي المعتصم أمر بقطع يديه و رجليه و جز رأسه و شق بطنه، ثم أمر بحمل رأسه إلى خراسان و صلب جثته على خشبة بسامرّا، و كان بابك قد شرب الخمر ليلة قتله و هي ليلة الخميس لثلاث عشرة خلت من ربيع الآخر من هذه السنة. و كان هذا الملعون قد قتل من المسلمين في مدة ظهوره- و هي عشرون سنة- مائتي ألف و خمسة و خمسين ألفا و خمسمائة إنسان- قاله ابن جرير- و أسر خلقا لا يحصون، و كان جملة من استنقذه الأفشين من أسره نحوا من سبعة آلاف و ستمائة إنسان، و أسر من أولاده سبعة عشر رجلا، و من حلائله و حلائل أولاده ثلاثة و عشرين امرأة من الخواتين، و قد كان أصل بابك من جارية زرية الشكل جدا، فآل به الحال إلى ما آل به إليه، ثم أراح اللَّه المسلمين من شره بعد ما افتتن به خلق كثير و جم غفير من العوام الطغام.

و لما قتله المعتصم توج الأفشين و قلده وشاحين من جوهر، و أطلق له عشرين ألف ألف درهم، و كتب له بولاية السند، و أمر الشعراء أن يدخلوا عليه فيمدحوه على ما فعل من الخير إلى المسلمين، و على تخريبه بلاد بابك التي يقال لها البذ و تركه إياها قيعانا خرابا. فقالوا في ذلك فأحسنوا، و كان من جملتهم أبو تمام الطائي و قد أورد قصيدته بتمامها ابن جرير و هي قوله:

بذ الجلاد البذّ فهو دفين‌* * * ما إن بها إلا الوحوش قطين‌

لم يقر هذا السيف هذا الصبر في‌* * * هيجاء إلا عز هذا الدين‌

قد كان عذرة سودد فافتضها* * * بالسيف فحل المشرق الأفشين‌

فأعادها تعوى الثعالب وسطها* * * و لقد ترى بالأمس و هي عرين‌

هطلت عليها من جماجم أهلها* * * ديم إمارتها طلى و شئون‌

كانت من المهجات قبل مفازة* * * عسرا فأضحت و هي منه معين‌

و في هذه السنة- أعنى سنة ثلاث و عشرين و مائتين- أوقع ملك الروم توفى بن ميخائيل بأهل ملطية من المسلمين و ما والاها ملحمة عظيمة، قتل فيها خلقا كثيرا من المسلمين، و أسر ما لا يحصون كثرة، و كان من جملة من أسر ألف امرأة من المسلمات. و مثل بمن وقع في أسره من المسلمين فقطع آذانهم و أنوفهم و سمل أعينهم قبحه اللَّه. و كان سبب ذلك أن بابك لما أحيط به في مدينة البذ استوسقت الجيوش حوله و كتب إلى ملك الروم يقول له: إن ملك العرب قد جهز إلى جمهور جيشه و لم يبق في أطراف بلاده من يحفظها، فان كنت تريد الغنيمة فانهض سريعا إلى ما حولك من بلاده فخذها فإنك لا تجد أحدا يمانعك عنها. فركب توفيل بمائة ألف و انضاف إليه المحمرة الذين كانوا قد خرجوا في الجبال و قاتلهم إسحاق بن إبراهيم بن مصعب، فلم يقدر عليهم لأنهم تحصنوا بتلك الجبال فلما قدم ملك الروم صاروا معه على المسلمين فوصلوا إلى ملطية فقتلوا من أهلها خلقا كثيرا

نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي    جلد : 10  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست