نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 270
القدر. قال أبو عثمان المازني: رأيت الأصمعي جاء إلى أبى زيد الأنصاري و قبل رأسه و جلس بين يديه و قال: أنت رئيسنا و سيدنا منذ خمسين سنة. قال ابن خلكان: و له مصنفات كثيرة، منها خلق الإنسان، و كتاب الإبل، و كتاب المياه، و كتاب الفرس و الترس، و غير ذلك توفى في هذه السنة، و قيل في التي قبلها أو التي بعدها، و قد جاوز التسعين، و قيل إنه قارب المائة. و أما أبو سليمان فقد قدمنا ترجمته
. ثم دخلت سنة ست عشرة و مائتين
فيها عدا ملك الروم و هو توفيل بن ميخائيل على جماعة من المسلمين فقتلهم في أرض طرسوس نحوا من ألف و ستمائة إنسان، و كتب إلى المأمون فبدأ بنفسه، فلما قرأ المأمون كتابه نهض من فوره إلى بلاد الروم عودا على بدء و صحبته أخوه أبو إسحاق بن الرشيد نائب الشام و مصر، فافتتح بلدانا كثيرة صلحا و عنوة، و افتتح أخوه ثلاثين حصنا، و بعث يحيى بن أكثم في سرية إلى طوانة فافتتح بلادا كثيرة و أسر خلقا و حرق حصونا عدة، ثم عاد إلى العسكر. و أقام المأمون ببلاد الروم من نصف جمادى الآخرة إلى نصف شعبان، ثم عاد إلى دمشق و قد وثب رجل يقال له عبدوس الفهري في شعبان من هذه السنة ببلاد مصر، فتغلب على نواب أبى إسحاق بن الرشيد و اتبعه خلق كثير، فركب المأمون من دمشق يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة إلى الديار المصرية، فكان من أمره ما سنذكره.
و فيها كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد يأمره أن يأمره الناس بالتكبير عقيب الصلوات الخمس، فكان أول ما بدئ بذلك في جامع بغداد و الرصافة يوم الجمعة لأربع عشر ليلة خلت من رمضان، و ذلك أنهم كانوا إذا قضوا الصلاة قام الناس قياما فكبروا ثلاث تكبيرات، ثم استمروا على ذلك في بقية الصلوات. و هذه بدعة أحدثها المأمون أيضا بلا مستند و لا دليل و لا معتمد، فان هذا لم يفعله قبله أحد، و لكن ثبت في الصحيح عن ابن عباس أن رفع الصوت بالذكر كان على عهد رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) ليعلم حين ينصرف الناس من المكتوبة، و قد استحب هذا طائفة من العلماء كابن حزم و غيره. و قال ابن بطال: المذاهب الأربعة على عدم استحبابه. قال النووي:
و قد روى عن الشافعيّ أنه قال: إنما كان ذلك ليعلم الناس أن الذكر بعد الصلوات مشروع، فلما علم ذلك لم يبق للجهر معنى. و هذا كما روى عن ابن عباس أنه كان يجهر في الفاتحة في صلاة الجنازة ليعلم الناس أنها سنة، و لهذا نظائر و اللَّه أعلم.
و أما هذه البدعة التي أمر بها المأمون فإنها بدعة محدثة لم يعمل بها أحد من السلف. و فيها وقع برد شديد جدا. و فيها حج بالناس الّذي حج بهم في العام الماضي، و قيل غيره و اللَّه أعلم.
و فيها توفى
حبان ابن هلال. و عبد الملك بن قريب الأصمعي صاحب اللغة و النحو و الشعر و غير ذلك. و محمد بن بكار بن
نام کتاب : البداية و النهاية نویسنده : ابن كثير الدمشقي جلد : 10 صفحه : 270